للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة ثلاثين وستمئة]

فيها: باشر خطابة بغداد ونقابة العباسيين العدل مجد الدين أبو القاسم هبة الله بن المنصوري (١)، وخلعَ عليه خلعة سنية، وكان فاضلًا قد صحب الفقراءَ والصوفيةَ وتزهَّدَ برهةً من الزمان، فلما دُعي إِلى هذا الأمر أجاب سريعًا وأقبلت عليه الدنيا بزهرتها، وخَدَمَهُ الغلمانُ الأتراكُ، ولبس لباس المُتْرَفين وقد عاتبه بعض تلامذته بقصيدة طويلة، وعنَّفه على ما صار إِليه، و [قد] سردها ابن الساعي بطولها في "تاريخه" (٢).

وفيها: سار القاضي محيي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين أبي الفرج [بن الجوزي] في الرسلية من الخليفة إِلى الكامل [محمد] (٣) صاحب مصر، ومعه كتاب هائل فيه تقليده الملك، وفيه أوامر كثيرة مليحة من إِنشاء الوزير نصير (٤) الدين أحمد بن الناقد، سرده ابن الساعي أيضًا بكماله. وقد كان الكامل مخيِّمًا بظاهر آمد من أعمال الجزيرة، قد افتتحها بعد حصار طويل وهو مسرور بما نال من ملكها.

وفيها: فتحت دار الضيافة ببغداد للحجيج حين قدموا من حجهم، وأجريت عليهم النفقات والكساوي والصلات، ولله الحمد والمنة.

وفيها: سارت العساكر المستنصرية صحبة الأمير شرف (٥) الدين أبي الفضائل (٦) إِقبال الخاص المستنصري إِلى مدينة إِربل وأعمالها، وذلك لمرض مالكها مُظَفَّر الدين كُوْكُبُري (٧) بن زين الدين، وأنه ليس له من بعده مَنْ يملك البلاد، فحين وصلها الجيش منعه أهلُ البلد فحاصروه حتى افتتحوه عنوةً في السابع عشر من شوال في هذه السنة، وجاءت البشائر بذلك فضُربت الطبولُ ببغداد بسبب ذلك، وفرح


(١) أ: المعصوري، وب: المقصودي، وهو أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن عبد القادر بن الحسين المعروف بابن المنصوري الخطيب العدل ببغداد. توفي سنة ٦٣٥ هـ. التكملة لوفيات النقلة.
(٢) الشاعر هو موفق الدين عبد القاهر بن الفوطي، وهو خال والد كمال الدين ابن الفوطي صاحب "تلخيص مجمع الآداب"، وقد أوردها ابن الشعار في عقود الجمان، ونقلها صاحب الكتاب المسمى بالحوادث من تاريخ ابن الساعي، فراجعها في الكتاب المذكور وانظر تعليقنا عليها: ص ٦٣ فما بعد (بشار).
(٣) سترد ترجمة الكامل في وفيات سنة ٦٥٦ هـ.
(٤) ط: نصر الدين. وسترد ترجمته في وفيات سنة ٦٤٢ هـ.
(٥) جمال الدولة أمير الجيوش شرف الدين أبو الفضائل الحبشي المستنصري الشرابي تسلم مقدم جيوش العراق سنة ٦٢٦ هـ. أنشأ مدرستين بالعراق ورباطًا في مكة وهزم التتار سنة ٦٤٣ هـ، فعظم بذلك وارتفع قدره. ولكنه مرض ومات سنة ٦٥٣ هـ. سير أعلام النبلاء (٢٣/ ٣٧٠).
(٦) الكنية عن ط وحدها.
(٧) سترد ترجمة كوكبري في وفيات هذه السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>