للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة بزمامها فطردْتَه إلى الرقة، وقعد لا عَمَل له ولا تستنهضه في أمرٍ، وإنَّ الأرض قد تفتَّقت من أقطارها، وكثرت الفتن، وانثشرت الشرور بين الناس.

فلما تحقَّق ذلك المأمون أمر بالرحيل إلى بغداد، وقد فطِنَ الفضلُ بن سهل بما تمالأ عليه أولئك الناصحون للمأمون، فضرب قومًا ونتف لحى بعضهم. وسار المأمون، فلمَّا كان بسَرَخْس (١) عدا قومٌ على الفضل بن سهل وزير المأمون وهو في الحمام بالسيوف فقتلوه، وذلك يوم الجمعة لليلتين خلتا من شعبان وله ستون سنة (٢). فبعث المأمون في آثارهم فجيء بهم وهم أربعة من المماليك فقتلهم، وكتب إلى أخيه الحسن بن سهل يعزِّيه فيه، وولاه مكانه الوزارة، وارتحل المأمون من سَرَخْس يوم عيد الفطر نحو العراق وإبراهيمُ بن المهدي بالمدائن، وفي مقابلته جيش يقاتلونه من جهة المأمون.

وفي هذه السنة تزوج المأمون بُوران (٣) بنتَ الحسن بن سهل، وزوَّج عليَّ بن موسى الرِّضا بابنته أُمِّ حبيب، وزوَّج ابنه محمد بن علي بن موسى بن جعفر بابنته الأخرى أمِّ الفضل.

وحجَّ بالناس في هذه السنة إبراهيمُ بن موسى بن جعفر أخو علي الرِّضا، ودعا لأخيه بعد المأمون. ثم انصرف من بعد الحج إلى اليمن، وقد كان تغلب عليها حَمْدَوَيْه بن علي بن موسى بن ماهان (٤).

[وفيها توفي من الأعيان]

أيّوبُ بن سُوَيد (٥).

وضَمْرَة (٦).

وعمر بن حبيب (٧).


(١) "سَرَخْس": مدينة قديمة من نواحي خراسان، كبيرة واسعة، وهي بين نيسابور ومَرْو، في وسط الطريق. ياقوت.
(٢) قتل الفضل بن سهل عن ثمان وأربعين سنة، فقد ولد سنة ١٥٤ هـ. وقيل: إن المأمون قد دسَّ إليه من قتله بعد أن ثقل عليه أمره.
وهو الفضل بن سهل السَّرَخسي، أبو العباس، وكان مجوسيًا، اتصل بالمأمون في صباه، وأسلم على يديه سنة ١٩٠ وقبل أن يلي الخلافة، فلما وليها جعل له الوزارة وقيادة الجيش معًا، فكان لقب بذي الرياستين، الحرب والسياسة. وخبر مقتله عن ستين سنة غير صحيح، وقع فيه الطبري وتابعه في ذلك المؤلف وابن الأثير في كامله. ترجمته في سير أعلام النبلاء (١٠/ ٩٩) وشذرات الذهب (٢/ ٤)، والأعلام (٥/ ١٤٩).
(٣) بنى المأمون على بوران سنة ٢١٠ هـ وسيورد ابن كثير خبر عرسها في تلك السنة.
(٤) ينظر تاريخ الطبري (٨/ ٥٦٦ - ٥٦٧).
(٥) أيوب بن سُوَيد الرَّمْلي، أبو مسعود الحِمْيَري السَّيباني، نسبة إلى صيبان، بطن من حمير. كان سيء الحفظ، ليِّن الحديث. سير أعلام النبلاء (٩/ ٤٣٠).
(٦) هو ضمْرَةُ بن ربيعة، أبو عبد اللَّه الرَّمْلي. الإمام الحافظ القدوة، محدِّث فلسطين. سير أعلام النبلاء (٩/ ٣٢٥).
(٧) في ط: عمرو بن حبيب. وهو عمر بن حبيب العَدَوي البصري، القاضي، ضعيف الحديث. نقل غير واحد أنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>