للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحموم (١). وإن شئت أنبأتك بصوم ابنه سليمان، فإنه كان يصوم من أوّل الشهر ثلاثة أيام، ومن وسطه ثلاثة أيام، ومن آخره ثلاثة أيام، يستفتح الشهر بصيام، ووسطه بصيام، ويختمه بصيام. وإن شئت أنبأتك بصوم ابن العذراء البتول عيسى ابن مريم؛ فإنه كان يصوم الدهر، ويأكل الشعير، ويلبس الشعر، يأكل ما وجد، ولا يسأل عما فقد، ليس له ولد يموت ولا بيت يخرب، وكان أينما أدركه الليل صفن بين قدميا (٢)، وقام يصلّي حتى يصبح، وكان راميًا لا يفوته صيد يريده، وكان يمر بمجالس بني إسرائيل فيقضي لهم حوائجهم. وإن شئت أنبأتك بصوم أمه مريم بنت عمران فإنّها كانت تصوم يومًا (٣) وتفطر يومين. وإن شئت أنبأتك بصوم النبي العربي الأمي محمد فإنه كان يصوم من كلّ شهر ثلاثة أيام، ويقول: "إن ذلك صوم الدهر (٤) ".

وقد روى الإمام أحمد عن أبي النضر، عن فرج بن فضالة، عن أبي هرم، عن صدقة، عن ابن عباس مرفوعاً في صوم دواد (٥).

ذكر (٦) كمّيّة حياته وكيفيّة وفاته

قد تقدم في ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم (٧) أن الله لما استخرج ذريته من ظهره فرأى فيهم الأنبياء ، ورأى فيهم رجلاً يزهر فقال: أي ربَّ من هذا؟ قال: هذا ابنُك داود. قال: أي ربّ كم عمره؟ قال: ستون عاماً. قال: أي ربّ زِدْ في عمره. قال: لا، إلا أن أزيده من عمرك. وكان عمر آدم ألفَ عام، فزاده أربعين عاماً، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملكُ الموت، فقال: بقي من عمري أربعون سنة، ونسي آدم ما كان وهَبه لولده داود، فأتمها الله لآدم ألف سنة ولداود مئة سنة.

رواه أحمد (٨) عن ابن عباس، والترمذي -وصححه- (٩) عن أبي هريرة. وابن خزيمة (١٠)


(١) في بعض النسخ: المهموم والمحموم، وفي تاريخ ابن عساكر: "ويضطرب لصوته المهموم والمحموم".
(٢) في ب: .. أينما أدركته صفن، وفي تاريخ ابن عساكر: "صفق بيديه".
(٣) في ب: يومين.
(٤) إلى هنا انتهى النقل من تاريخ ابن عساكر.
(٥) تقدم قبل قليل مخرّجاً.
(٦) كلمة ذكر ليست في ط.
(٧) في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(٨) مسند أحمد (١/ ٢٥١ - ٢٥٢).
(٩) الترمذي رقم (٣٠٧٦) في التفسير، باب ومن سورة الأعراف.
(١٠) لم نقف عليه في المطبوع من صحيح ابن خزيمة.