للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقومٌ منهمُ الفضلُ بنُ يحيى … نَفِيرٌ ما يؤازِرُه (١) نَفِيرُ

له يومان يومُ ندى وبأسٍ … كأنَّ الدَّهْرَ بينهما أسيرُ

إذا ما البَرْمَكيُّ غدَا ابنَ عَشْرٍ … فهمَّتُهُ أميرٌ أو وزيرُ

وقد اتَّفق للفضلِ بن يحيى في هذه السفرةِ إلى خراسان أشياء غريبة، وفتح بلادًا كثيرة منها كابُل وما وراء النهر، وقَهَرَ ملكَ التُّرك، وكان ممتنعًا، وأطلق أموالًا جزيلةً جدًّا، ثم قفل راجعًا إلى بغداد، فلما اقترب منها خرج الرشيدُ ووجوهُ الناس إليه، وقَدِمَ عليه الشعراءُ والخطباء، وأكابرُ الناس، فجعل يُطلق الألفَ ألفٍ، والخمسَمئةِ ألفٍ ونحوها، وأنفذ في ذلك من الأموال شيئًا كثيرًا لا يُمكنُ حصرُهُ إلَّا بتعَبٍ وكُلْفة، وقد دخل عليه بعضُ الشعراء والبِدَرُ موضوعةٌ بين يديه، وهي تُفرَّقُ على الناس، فقال:

كفى اللَّه بالفضلِ بن يحيى بن خالدٍ … وجودِ يديهِ بُخلَ كلِّ بَخيلِ

فأمَرَ له بمالٍ جَزيل.

وغزا الصائفةَ في هذه السنة معاويةُ بن زُفر بن عاصم؛ وغزا الشاتيةَ سليمانُ بن راشد. وحجَّ بالناس فيها محمدُ بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس، نائبُ مكة.

[وفيها توفي]

جعفر بن سليمان.

وعنتر بن القاسم.

وعبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم القاضي ببغداد، وصلَّى عليه الرشيد، ودُفن بها؛ وقد قيل: إنه مات في التي قبلها. فاللَّه أعلم.

[ثم دخلت سنة تسع وسبعين ومئة]

فيها كان قدومُ الفضل بن يحيى من خراسان، وقد استخلف عليها عمرَ بن جميل، فولَّى الرشيدُ عليها منصورَ بن يزيد بن منصور الحميري. وفيها عزل الرشيدُ خالدَ بن بَرْمك عن الحُجوبة، وردَّها إلى الفضل ابن الربيع. وفيها خرج بخراسان حمزةُ بن أترك السِّجْستاني، وكان من أمرِهِ ما سيأتي طرَفٌ منه. وفيها رجع الوليدُ بن طريف الشاري إلى الجزيرة، واشتدَّتْ شوكتُه، وكَثُرَ أتباعُه، فبعث إليه الرشيدُ يزيدَ بن مَزْيد الشيباني، فراوَغَهُ (٢) حتى قتلَه، وتفرَّق أصحابُه؛ فقالت الفارعةُ في أخيها الوليد بن طريف ترثيه:


(١) في (ق): "يوازنه"، والمثبت من (ب، ح).
(٢) في (ح): "فوادعه"، والمثبت من (ب، ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>