للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَّ ساجدًا قَدْرَ جُمُعَة أُخْرى، فيقُولُ اللهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشفَّعْ" قالَ: "فيَذْهبُ لِيَقَعَ سَاجدًا، فَيَأْخُذُ جِبْريلُ بِضَبْعَيْهِ (١)، وَيُفْتحُ عليْهِ مِنَ الدُّعاءِ بشَيْءٍ لَمْ يُفْتحْ على بشًرٍ قَطُّ، فيقولُ: أيْ رَبِّ، خَلَقْتَني سَيدَ وَلَدِ آدَم، ولا فَخْرَ، وأَوَّلَ منْ تَنْشق عَنْهُ الأرْضُ يَوْمَ القِيَامةِ، ولا فَخْرَ، حتَّى إنَّهُ لَيَردُ عَليَّ الْحَوْضَ أكْثَرُ ممَّا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأيْلَةَ، ئُمَّ يُقالُ: ادْعُوا الأنْبياء، قال: فيَجيءُ النَّبيُّ ومَعَهُ العِصَابةُ، والنَّبيُّ ومَعَهُ الْخَمْسةُ وَالسِّتَّةُ، وَالنبيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أحدٌ، ثُمَّ يُقالُ: ادْعُوا الصِّدِّيقينَ، فيشفعون، ثُمّ يُقالُ: ادْعُوا الشُّهَداء، فيَشْفعُونَ لِمنْ أرَادُوا" قال: "فإذا فَعَلَتِ الشُهَداءُ ذَلِكَ" قال: "يَقُولُ اللهُ ﷿: أنَا أرْحمُ الرَّاحمينَ، أدخِلُوا جَنتي منْ كانَ لا يُشْركُ بي شَيْئًا" قالَ: "فَيَدْخُلونَ الْجنَة، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ ﷿: انْظُرُوا في النَّارِ هَل تَلقَوْنَ منْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ" قالَ: "فَيَجدُونَ في النَّارِ رَجُلًا، فَيُقالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خيْرًا قَطُّ؟ فيَقُولُ: لا، غَيْرَ أنَي كُنْتُ أُسَامحُ النَّاسَ في الْبَيْع، فيقُولُ الله ﷿: أسْمِحُوا (٢) لِعَبْدي كَإسْمَاحِهِ إلى عَبِيدي، ثمَّ يُخْرِجُونَ منَ النَّارِ رَجُلًا، فيقال لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خيْرًا قَطُ؟ فَيَقُولُ: لا، غَيْرَ أنِّي قد أمَرْتُ وَلَدي: إذَا مِتُّ فَأحْرِقُوني بالنَّارِ، ثُمَّ اطْحَنُوني، حتَّى إذَا كنتُ مِثْلَ الكُحْلِ، فاذْهَبُوا بي إلى البَحْرِ فَاذْرُوني في الرِّيحِ، فَوَ اللهِ لا يَقْدرُ عليَّ (٣) رَبُّ العَالَمينَ أبَدًا، فقالَ اللهُ ﷿ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قالَ: منْ مَخَافَتِكَ" قال: "فَيَقُولُ اللهُ ﷿: انْظُرْ إلى مُلْكِ أعْظَمِ مَلِكٍ، فَإنَّ لَكَ مِثْلَهُ، وَعَشْرَةَ أمْثَالِهِ" قالَ: "فَيَقُولُ: لِمَ تَسْخر بِي وَأنْتَ الْمَلِكُ؟ " قال رَسُولُ الله : "فذلك الذي ضَحِكْتُ مِنْهُ منَ الضُّحَى"، وقدْ تَكَلَّمْنَا على هَذا الْحَديثِ في آخرِ مُسْنَدِ الصِّديقِ (٤).

[رواية أبي سعيد الخدري]

قال الإمامُ أحمدُ: حدّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، حدّثنا محمَّدُ بنُ إسحاق، حدّثنا عُبيد (٥) اللهِ بن


(١) تثنية ضبع، وهو وسط العضد.
(٢) يقال: سمح وأسمح: إذا جاء وأعطى عن كرم وسخاءٍ.
(٣) لم يقل ذلك تكذيبًا للقدرة، بل لما لحقه من شدة الحال ما غيَّر عقله، وصيره كالمجنون.
(٤) زاد ناسخ (م) ما يلي: قال المؤلف في آخر (مسند الصديق) في "جامع المسانيد": وقد رواه أبو يعلى والهيثم بن كليب وأبو عوانة الإسفراييني في "صحيحه"، وابن خزيمة وابن حبان في حديثهما (كذا) [ولعله في صحيحيهما] في حديث النضر بن شميل، وكان إسحاق بن راهويه يمدح هذا الحديث، ورواه عن النضر بن شميل، واختاره الضياء المقدسي في كتابه "المستخرج على الصحيحين" وقد بسطت القول فيه في المسند المنفرد عنه. وقد رواه البزار عن خلاد بن أسلم عن النضر بن شميل، به، وقال: تفرّد به البراء بن نوفل عن والان، ولا يعرف لهما غيره، على أنه قد رواه جماعة من العلماء واحتملوه والله سبحانه أعلم اهـ. أقول: أخرجه أحمد (١/ ٤ - ٥) والبزار (٧٦) وأبو يعلى (٥٦) و (٥٧) وأبو عوانة (١/ ١٧٥) وابن حبان (٦٤٧٦).
(٥) في الأصول: عبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>