للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا كذب أنا ابن عبد المطلب" (١). حتى جعلَ العباسُ وعلي وأبو سفيان يتعلقون في تلك البغلة ليبطِّئوا سَيرَها خوفًا عليه من أن يصلَ أحدٌ من الأعداء إليه. ومازال كذلك حتى نصره اللّه وأيَّدَه في مقامه ذلك، وما تراجع الناسُ إلا والأشلاءُ مُجَنْدَلَةٌ بين يديه، صلواتُ اللّه وسلامه عليه.

وقال أبو زرعة: حدَّثنا العباس بن الوليد بن صبح الدمشقي، حدَّثنا مروان -يعني ابن محمد- حدَّثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه : "فُضِّلْتُ على النَّاسِ بشدّة البطش" (٢).

فصل فيما يذكر من صفاته في الكتب المأثور (٣) عن الأنبياء الأقدمين

قد أسلفنا طرفًا صالحًا من ذلك في البشارات (٤) قبل مولده، ونحن نذكر هنا غُررًا من ذلك. فقد روى البخاريُّ، والبيهقيُّ واللفظ له، من حديث فُلَيح بن سليمان، عن هِلال بن عليّ، عن عَطَاءِ بن يَسار، قال: لقيتُ عبدَ اللّه بن عمرو، فقلت: أخبرني عن صفةِ رسول اللّه في التوراة، فقال: أجل، والله إنّه لموصوفٌ في التوراة بِبَعض صفتِه في الفرقان: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الفتح: ٨] وحِرزًا لِلأُميين، أنت عبدي ورسولي، سَمَّيتُك المتوكل، ليس بفظٍّ (٥) ولا غليظٍ ولا سخَّاب (٦) بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء أن يقولوا: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ وأفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا (٧).


(١) الحديث رواه البخاري في صحيحه رقم (٤٣١٦) في المغازي، وابن حبان في صحيحه رقم (٤٧٧٠) في السير.
(٢) هذه قطعة من الحديث المنسوب إلى أنس ونصه: "فُضِّلت على الناس بأربع: بالسخاء والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش". وهو حديث باطل كما قال الإمام الذهبي في ترجمة أبي علي الحسين بن علي النخعي من الميزان (١/ ٥٤٣). أخرجه الطبراني في الأوسط (٦٨١٢)، والإسماعيلي في معجمه (٢٥١)، والخطيب في تاريخ مدينة السلام (٨/ ٦٢٠) طبعة الدكتور بشار، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٢٦٨)، وينظر لسان الميزان لابن حجر (٢/ ٣٠٣) وتعليق الدكتور بشار على تاريخ الخطب.
(٣) في (أ) سقطت كلمة: المأثورة.
(٤) تقدم ذلك في مطلع السيرة النبوية.
(٥) "بفظ": الفظ: هو الغليظ الجانب، الخشن الكلام.
(٦) "ولا سخَّاب": السَّخَّاب: الذي يُكثر المشي والتجول في الأسواق.
(٧) ما بين القوسين سقط من المطبوع وأثبته من دلائل النبوة. وقول عطاء ليس في البخاري. وقد روى البخاري حديث عبد الله بن عمرو في صحيحه رقم (٢١٢٥) في البيوع.