أبي الْجَعْد، قال: إن لِجَهنّم ثَلاثَ قَناطرَ، قنطرة عليها الأمانة، وقنطرة عليها الرَّحِم، وقنطرة اللهُ عليها، وهي المِرْصادُ، فمن نجا من هاتين لم ينجُ من هذه، ثم قرأ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر: ١٤].
وقال عبيد [الله] بن العَيْزارِ: يُمَدُّ الصِّراطُ يوم القيامة بين الأمانة، والرَّحِمِ، ويُنادي مُنادٍ: ألا من أدَّى الأمانةَ، ووَصَل الرَّحِمَ، فَلْيَمضِ آمناً غيرَ خائف. رواه ابن أبي الدنيا.
وقال الحافظ ابن عساكر في ترجمة الفضيل بن عياض قال: بلغني أن الصراط مسيرة خمسة عشر ألف سنة، خمسة آلاف صعود، وخمسة آلاف استواء على ظهره، وخمسة نزول، وهو أدقُّ من الشَّعَر، وأحدُّ من السيف، على متن جهنم، لا يجوزه إلا كل ضامر مهزول من خشية الله سبحانه، ثم يبكي الفضيل ﵀.
وقال ابن أبي الدنيا: حدّثنا محمد بن إدريس، حدّثنا أبو تَوْبة الرَّبيعُ بن نافع الْحَلبيّ، حدّثنا مُعاويةُ بن سَلاَّم، عن أخيه زيد بن سَلاّم: أنه سمع أبا سَلاّم، حدّثني عبدُ الرحمن، حدّثني رجل من كِنْدَة، قال: دخلتُ على عائشةَ، وبيني وبينها حجابٌ، فقلت: إنّ في نفسي حاجةً لم أجد أحداً يشفيني منها، قالت: ممّنْ أنت؟ قلت: من كِنْدة، قالت: منْ أيِّ الأجناد أنت؟ قلت: من أهل حِمْص، قالت: ماذا حَاجَتُك؟ قلت: أَحَدَّثَكِ رسولُ الله ﷺ: أنه سيأتي عليه ساعةٌ يوم القيامة لا يَمْلكُ فيها لأحدٍ شَفاعةً؟ قالت: نعم، لقد سألتُه عن هذا، وأنا وهو في شِعارٍ واحد، فقال:" نعم، حين يُوضَعُ الصَّراطُ لا أمْلِكُ لأحدٍ شيْئاً حتى أعلمَ أيْنَ يُسْلَكُ بي، وحين تَبْيَضُّ وجوهٌ وتَسْودّ وُجوهٌ، حتَّى أنْظُرَ ما يُفْعلُ بي، وعند الجسر حتى يَسْتَحدَّ وَيَسْتَحرَّ " قلت: وما يستحدُّ ويستحرُّ؟ قال:" يَسْتحدّ حتى يكونَ مثلَ شَفْرَةِ السَّيْفِ، ويستحرُّ حَتَّى يكون مثل الْجَمْرة، فأمَّا المؤمن، فيُجيزُ لا يَضُرّه، وأما المنافق فيتعَلّقُ حتى إذا بلغ أوْسَطه حَرَّ في قَدَمَيْهِ، فيهوي بيديه إلى قدميها قال: " هل رأيتِ من يَسْعى حَافياً فتأخذُه شَوْكةٌ حتى تكاد تُنْفِذُ قَدَمَيْهِ؟ فإنه كذلك يهوي بيده ورأسه إلى قدميه، فتَضْرِبهُ الزَّبَانيَةُ بخُطَّافٍ في نَاصِيَته، وقَدَمَيْه، فيقْذَفُ به في جهَنّم يَهْوي فيها مِقْدارَ خَمسينَ عاماً" فقلت: ما يَثْقُلُ الرَّجُلُ، قالت: بل يثفْل ثِقَلَ عَشْر خَلِفاتٍ (١) سِمَانٍ، فيَوْمئذٍ ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ [الرحمن: ٤١]. غريب.
فصْل
قال الله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ