للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواه ابن عساكر (١) بمعناه.

وأنَّه أوصى إلى ولده "حومل" (٢) وقام بالأمر بعده ولده "بشر" بن أيوب، وهو الذي يزعمُ كثير من الناس أنه ذو الكفل، فالله أعلم. وماتَ ابنُه هذا وكان نبيًا فيما يزعمون، وكان عمرُه من السنين خمسًا وسبعين، ولنذكر هاهنا قصَّة ذي الكِفْل، إذ قال بعضهم: إنه ابن أيوب .

* * *

وهذه قصة ذي الكفل الذي زعم قومٌ أنَّه ابن أيُّوب

قال الله تعالى بعد قصة أيوب في سورة الأنبياء: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٥ - ٨٦] وقال تعالى بعد قصة أيوب أيضًا في سورة ص: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ [ص: ٤٥ - ٤٧] فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونًا مع هؤلاء السادة الأنبياء، أنه نبيٌّ عليه من ربِّه الصلاة والسلام، وهذا هو المشهور.

وقد زعمَ آخرون أنَّه لم يكن نبيًّا وإنما كان رجلًا صالحًا وحكمًا مُقْسطًا عادلًا. وتوقَّفَ ابنُ جرير في ذلك، فاللّه أعلم.

وروى ابن جُريج (٣) وابن أبي نَجيح: عن مجاهد: أنه لم يكن نبيًّا وإنما كان رجلًا صالحًا، وكان قد تكفَّلَ لبني قومه أن يكفيَه أمرَهم ويقضي بينهم بالعدل، فسُمِّي ذا الكفل (٤).

وروى ابن جرير وابن أبي حاتم: من طريق داود بن أبي هند: أنه قال: لما كبر اليسع قال: لو أني استخلفتُ رجلًا على النَّاس يعملُ عليهم في حياتي، حتى أنظرَ كيف يعملُ، فجمعَ النَّاسَ، فقال: منْ يتقبَّلْ لي بثلاث أستخلفْه؟ يصومُ النهارَ، ويقومُ اللَّيلَ، ولا يغضب. قال: فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا. فقال: أنتَ تصومُ النَّهارَ، وتقومُ الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. قال: فردَّهم ذلك اليوم، وقال مثلها اليوم الآخر، فسكتَ النَّاس، وقام ذلك الرجل، فقال: أنا. فاستخلفَه. قال:


(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١٠/ ٨٢).
(٢) انظر تاريخ الطبري (١/ ٣٢٥).
(٣) في المطبوع: ابن جرير.
(٤) أخرجه ابن جرير في التفسير (٩/ ٧١).