للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاية خراسان، فأجابه إلى ذلك، فانزعج لذلك إسماعيل بن أحمد السَّامانيّ نائب ما وراء النهر] (١)، وكتب إليه: إنَّك قد ولّيتَ دنيا عريضة، فاقتنع بها عمَّا في يدي من هذه البلاد. فلم يقبل، فأقبل إليه إسماعيل في جيوش عظيمةٍ جدًّا، فالتقيا عند بَلْخ، فهُزم أصحاب عمرو، وأسِر عمرو. فلمَّا جيء به إلى إسماعيل بن أحمد قام إليه، وقبَّل بين عينيه، وغسل وجهه، وخلع عليه وأمَّنه، وكتب إلى الخليفة في أمره، يذكر أن أهل تلك البلاد قد ملّوه، وضجروا من ولايته عليهم. فجاء كتابُ الخليفة بأن يتسلّم حواصله وأمواله، فسلبه إياها، فآل به الحالُ بعد أن كان مطبخُه يحمل على ستمئة جمل إلى القيد والسجن (٢). [ومن العجائب أن عَمْرًا كان معه خمسون ألفًا، فلم يصبْ أحد منهم ولا أسِرَ سواه وحده] (٣).

ظهور أبي سعيد الجنَّابيّ رأس القرامطة، قبَّحهم الله ولعنهم وهو (٤) أخبث من الزّنج وأشدّ فسادًا

كان ظهوره في جمادى الآخرة من هذه السنة بنواحي البصرة، فالتفَّ عليه من الأعراب وغيرهم بشر كثير، وقويت شوكته جدًّا، وقتل مَن حوله من أهل القرى، ثم صار إلى القَطِيف قريبًا من البصرة، ورام دخولها، فكتب الخليفة المعتضد إلى نائبها يأمره بتحصين سورها، فعمروه وجدَّدوا معالمه بنحو من أربعه (٥) آلاف دينار، فامتنعت البصرة من القرامطة بسبب ذلك.

وتغلَّب أبو سعيد الجنَّابيُّ ومَن معه من القرامطة على هَجَر وما حولها من البلاد، وأكثروا في الأرض الفساد.

وكان أصل أبي سعيد الجنَّابيّ هذا أنه كان سمسارًا في الطعام يبيعه ويحسب للناس الأثمان، فقدم رجل يقال له: يحيى بن المهدي في سنهَ إحدى وثمانين ومئتين، فدعا أهل القَطيف إلى بيعة المهديّ، فاستجاب له رجلٌ يقال له: عليّ (٦) بن العلاء بن حمدان الزياديّ، وساعده في الدعوة إلى المهديّ، وجمع الشيعة الذين كانوا بالقَطِيف، فاستجابوا له، فكان في جملة من استجابوا أبو سعيد الجنَّابي هذا


(١) ما بين قوسين لم يرد في آ.
(٢) المنتظم (٦/ ١٧ - ١٨).
(٣) ما بين قوسين لم يرد في آ. وبعده في المطبوع: وهذا جزاء من غلب عليه الطمع، وقاده الحرص، حتى أوقعه في ذل الفقر، وهذه سنة الله في كل طامع فيما ليس له، وفي كل طالب للزيادة في الدنيا.
(٤) في آ: وهذا، وفي ط: وهم.
(٥) في الطبري والمنتظم وابن الأثير: أربعة عشر ألف دينار.
(٦) في الكامل لابن الأثير: عليّ بن المعلّى بن حمدان، مولى الزياديين.

<<  <  ج: ص:  >  >>