للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي (١): "أَنْتُم أَحَقُّ بموسَى مِنْهُم (٢) فَصَامُوا". وأصل هذا الحديث في "الصحيحين" وغيرهما (٣). والله أعلم.

* * *

فصل فيما كان من أمر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون (٤)

قال الله تعالى: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٣٦) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٧) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٩) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (١٤٠) وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [الأعراف: ١٣٦ - ١٤١].

يذكر تعالى ما كان من أمر فرعون وجنوده في غرقهم، وكيف سلبَهم عِزَّهم ومالَهم وأنفسهم، وأورث بني إسرائيل جميع أموالهم وأملاكهم، كما قال: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ٥٩]، وقال: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص: ٥]، وقال هاهنا: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ أي: أهلك ذلك جميعه وسلبهم عزَّهم العزيزَ العريضَ في الدنيا، وهلك الملك، وحاشيته، وأمراؤه، وجنودُه، ولم يبقَ ببلد مصرَ سوى العامَّة والرعايا. فذكر ابن عبد الحكم (٥) في "تاريخ مصر" أنّه من ذلك الزمان تسلَّط نساءُ مصر على رجالها؛ بسبب أن نساء الأمراء والكبراء تزوجْن بمن دونَهُنَّ


(١) زاد في ب: لأصحابه.
(٢) فى ط: فصوموا.
(٣) رواه البخاري: رقم (٢٠٠٤) في الصوم، باب صيام يوم عاشوراء، ومسلم (١١٣٠) في الصيام، باب صوم يوم عاشوراء، وأبو داود رقم (٢٤٤٤)، في الصوم، باب في صوم يوم عاشوراء.
(٤) في ط: أمر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون.
(٥) هو محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، فقيه عصره. له عدة مؤلفات، منها "تاريخ مصر"، و"أدب القضاة" و"سيرة عمر بن عبد العزيز". توفي سنة (٢٦٨ هـ). كشف الظنون (١/ ٣٠٤) والأعلام (٦/ ٢٢٣).