للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها توجَّه محمد بن الأشعث إلى إفْرِيقِيَةَ، فقاتلهم قتالًا شديدًا، حتَّى فتحها. وفيها خرجَ شَرِيك ابن شيخ المهري بِبُخَارى على أبي مسلم، وقال: ما على هذا بايَعْنا آلَ محمد، على سفكِ الدماء وقتلِ الأنفُس، واتَّبَعه على ذلك نحوٌ من ثلاثينَ ألفًا، فبعث إليه أبو مسلم زيادَ بن صالح الخزاعي فقاتله فقَتَله.

وفيها عزَلَ السفَّاحُ أخاه يحيى بن محمد عن المَوْصل وولَّى عليه عمَّه إسماعيل.

وفيها ولَّى الصائفةَ من جهتِه صالحَ بن علي بن سعيد بن عبيد اللَّه، وغزا ما وراءَ الدُّروب، وحجَّ بالناس خالُ السفَّاح زياد بن عُبيد اللَّه بن عبد الدار الحارثي، ونُوَّابُ البلادِ همُ الذين كانوا في التي قبلَها سوى مَنْ ذكَرْنا أنه عُزل.

[ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومئة]

فيها خلَعَ بسامُ بن إبراهيم بن بسام الطاعة، وخرج على السفَّاح، فبعث إليه خازم بن خزيمة فقاتله، فقتَلَ عامةَ أصحابِه واستباح عسكرَه، ورَجَع فمر بملأٍ من بني عبدِ الدار أخوالِ السفَّاح فسألهم عن بعضِ ما فيه نُصرة للخليفة فلم يردُّوا عليه، واستهانوا به، وأمرَ بضَرْبِ أعناقِهم، وكانوا قريبًا من عشرين رجلًا ومثلِهم من مواليهم، فاستعدى بنو عبدِ الدار على خازم بن خزيمة إلى السفاح، وقالوا: قَتَل هؤلاء بلا ذنب، فهم السفَّاحُ بقتلِه، فأشار عليه بعضُ الأمراء بأنْ لا يقتُلَه، ولكنْ لِيبْعَثَهُ مبعثًا صعْبًا. فإنْ سَلِم فذاك، وإنْ قُتل كان الذي أراد، فبعثَهُ إلى عُمَان وكان بها طائفةٌ من الخوارج قد تمرَّدوا، وجهَّز معه سبعَ مئةِ رجل، وكتبَ إلى عمِّه سليمانَ بالبصرةِ أنْ يحمِلَهم في السفن إلى عُمَان ففعل، فقاتل الخوارجَ فكسرَهم وقهرَهم واستحوذَ على ما هنالك من البلاد، وقتلَ أميرَ الخوارجِ الصُّفْريَّة، وهو الجُلنْدَى، وقتَلَ من أصحابِهِ وأنصارِهِ نحوًا من عشرةِ آلاف، وبعث بِرؤوسِهم إلى البصرة، فبعث بها نائبُ البصرة إلى الخليفة، ثم بعدَ أشهر كتب إليه السفَّاح أن يرجِع، فرجع سألمًا غانمًا منصورًا.

وفيها غزا أبو مسلم بلاد الصُّغْد (١)، وغزا أبو داود أحدُ نُوَّابِ أبي مسلم بلادَ كَشّ (٢)، فقَتَل خلقًا كثيرًا، وغَنِمَ من الأواني الصَيِنيَّة المنقوشةِ بالذهبِ شيئًا كثيرًا جدًّا.


(١) الصُّغْد - بالضم ثم السكون وآخره دال مهملة وقد يقال بالسين مكان الصاد -: هي كُورةٌ عجيبةٌ قَصَبتها سَمَرْقَنْد، وقيل: هما صغدان صغد سمرقند، وصغد بخارى. وقيل: جنان الدنيا أربع: غوطة دمشق، وصغد سمرقند، ونهر الأُبُلَّة، وشِعْبُ بَوَّان. وهي قرى متصلة خلال الأشجار والبساتين من سمرقند إلى قريبٍ من بُخارى، لا تبين القرية حتَّى تأتيها لالتحافِ الأشجار بها، وهي من أطيب أرض اللَّه، كثيرة الأشجار، غزيرة الأنهار، متجاوبة الأطيار. معجم البلدان (٣/ ٤٠٩).
(٢) كَشّ - بالفتح ثم التشديد - قريةٌ على ثلاثةِ فراسخَ من جُرْجان على جبل. معجم البلدان (٤/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>