للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفدَ بني عَبْسٍ

ذكر الواقدي (١): أنهم كانوا تسعةَ نفرٍ، وسماهم الواقديُّ، فقال لهم النبيّ : "أنا عاشِرُكُمْ" وأمر طلحة بن عُبَيْد الله فعقدَ لهم لواءً، وجعل شِعارَهُمْ يا عَشَرَةُ، وذكر أنَّ رسولَ الله سألهم عن خالدِ بن سِنانٍ العَبْسيّ الذي قَدَّمنا تَرْجَمَتَهُ في أيام الجاهليةِ، فذكروا أنه لا عقبَ له، وذكر أنَّ رسول الله بعثَهم يَرْصُدون عِيرًا لقريش قَدِمَتْ من الشَّامِ. وهذا يقتضي تقدُّمَ وِفَادَتِهم على الفَتْح، والله أعلم.

وَفْدُ بَني فَزارَةَ

قال الواقدي (٢): حدّثنا عبد الله بن محمد بن عمر الجمحي، عن أبي وجزة السعدي (٣): قال: لَمَّا رجعَ رسولُ الله من تَبوك، وكان سنةَ تسعٍ قَدِمَ عليه وَفْدُ بَني فَزارَةَ بضعةَ عشرَ رَجُلًا، فيهم: خارجةُ بن حصنٍ، والحارثُ بن قيس بن حِصْنٍ وهو أصْغَرُهم، على ركابٍ عِجافٍ، فجاؤوا مُقِرّين بالإسلام، وسألهم رسولُ الله عن بلادهم، فقال أحدُهم: يا رسول الله، أسْنَتَتْ بلادُنا، وهلكت مواشِينا، وأجدَب جَنابُنا (٤)، وغرث (٥) عيالنا، فادعُ اللهَ لنا، فصعِدَ رسولُ الله المنبرَ ودعا فقال: "اللهمّ اسقِ بلادَكَ وبهائِمَكَ، وانشُرْ رحمتَك، وأحْيِ بلدَكَ الميت، اللهم اسْقِنا غَيْثا مُغيثًا مَريئًا مَريعًا طَبَقًا (٦) واسعًا، عاجلًا غير آجل، نافعًا غير ضارٍّ، اللهمّ اسقِنا سُقْيا رَحْمَةٍ، لا سُقْيا عذابٍ، ولا هَدْمٍ، ولا غَرَقٍ، ولا مَحَقٍ، اللهم اسْقِنا الغيث وانصُرْنا على الأعداء". قال فمَطَرَتْ، فما رأَوا السَّماءَ سَبْتًا (٧)، فصعِدَ رسولُ الله المنبرَ، فدعا فقال: "اللهم حَوالَيْنا ولا عَلَيْنا، اللهم على الآكامِ والظِّرَاب (٨) وبطونِ الأودية ومنابتِ الشجرِ" فانجابت السماء عن المدينة انجياب الثوب (٩).


(١) انظر لتفصيل الخبر في طبقات ابن سعد (١/ ٢٩٥ - ٢٩٦).
(٢) انظر طبقات ابن سعد (١/ ٢٩٧ - ٢٩٨).
(٣) الإصابة (٤/ ٢١٨).
(٤) طَ: (جناتنا) والجناب هو الناحية (كما في النهاية: جنب).
(٥) غرِث كفرح: جاع فهو غرثان وهي غرثى، والتغريث التجويع (القاموس: غرث).
(٦) مريئًا: حميد المغبة (اللسان: مرأ).
مريعًا: مخصبًا، ناجعًا (النهاية: ٤/ ٩٦).
طبقا: أي مالئًا الأرض مغطيًا عليها، يقال: غيث طبق أي عام واسع (النهاية ٣/ ٣٥).
(٧) سبتًا: برهة من الدهر (اللسان: سَبَتَ).
(٨) الظِّراب: الجبال الصغار.
(٩) وإسناده ضعيف، ولبعض الأقوال النبوية شواهد.