للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِسابٍ، ومنِ اسْتَوَتْ حَسَناتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ، فَذَاكَ الَّذي يُحاسبُ حِسابًا يَسيرًا، ثمَّ يَدْخُلُ الجنَّةَ، وإنَّما شَفَاعةُ رسول الله : لِمَنْ أوْبقَ (١) نَفْسهُ، وأغلَقَ ظَهْرَهُ (٢).

وقد رواه البيهقيُّ أيْضًا عنِ الْحاكِم، عن أبي بَكْر مُحمَّد بن جَعْفر بن أحمد المزكي، عن محمّد بن إبراهيم العَبْديّ، عن يعقوب بن كَعْب الحَلَبىّ، عن الوليد بن مُسْلم، عن زُهَيْر بن محمد، عن جَعْفر بن مُحمّد، عن أبيه، عن جابر: أنَّ رَسُولَ الله تلا: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٨] ثم قال رسول الله : "شَفَاعتي لأهْلِ الكَبَائرِ منْ أُمَّتي" قال الحاكمُ: هذا حديثٌ صحيحٌ (٣). قال البَيْهقيُّ: وظاهرُهُ يُوجبُ أنْ تَكُونَ الشَفاعةُ في أهْل الكَبَائِر مُخْتصَّةً برسولِ الله ، والمَلائكةُ إنَّما يَشْفعُونَ في أهْلِ الصَّغَائر وَزيادةِ الدَّرَجاتِ، وَقَدْ يَكُونُ المُرَادُ منَ الآيةِ بَيانَ كَوْنِ المَشْفُوعِ [فيهِ] مُرتضىً بإيمانِهِ، وإنْ كانتْ لهُ كَبائرُ وذُنُوبٌ دُونَ الشِّرْك، فيكونُ المرادُ بالأية نفي (٤) الشَّفَاعة لِلكفّارِ، لأنّ اللهَ لم يأذن فيها، ولمْ يَرْضَ اعْتِقَادَهُم.

[طريق أخرى]

قال أحمد: حدّثنا رَوْحٌ، حدّثنا ابنُ جُرَيْج، أخْبَرَني أبو الزُّبَيْر: أنَّهُ سَمِعَ جَابرَ بن عَبْدِ اللهِ يقول: لِكُل نَبيٍّ دَعوةٌ مُستجابةٌ قدْ دَعَا بِها في أمَّتِه، وخَبَأتُ دَعْوَتي شَفَاعةً لأُمَّتي يَوْمَ القِيَامةِ" يَعْني النبيّ . ورواه مسلم عن مُحمّد بن أحْمَد بن أبي خَلَف، عن رَوْح بنِ عُبَادةَ، به (٥).

[طريق أخرى]

قال أحمد: حدّثنا أبو النَّضْر، حدّثنا زُهَيْرٌ، حدّثنا أبو الزُّبَيْر، عن جَابرٍ، قال: قال رسول الله : "إذا مُيِّزَ أهْلُ الجَنّةِ وَأهْلُ النَّارِ، فَدَخَلَ أهْلُ الْجَنَّةِ الْجنّة، وأهْلُ النَّارِ النَّارَ، قَامَت الرُّسُلُ، فَشَفعُوا، فَيَقُولُ: انْطَلِقُوا أو اذهبوا، فَمنْ عَرَفْتُمْ فأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتَحشُوا فَيُلْقُونهُمْ في نَهْرٍ، أوْ على نَهْرٍ، يُقالُ لَهُ: نهر الْحَياة" قالَ: [فَيسْقُطُ مُحَاشُهُمْ على حَافَتَي النَّهْرِ، وَيَخْرُجُونَ بِيضًا كالثَّعَارير (٦)، ثمَّ يَشْفَعُونَ فَيَقُولُ: اذْهَبُوا أوِ انْطَلِقُوا فَمنْ وَجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقالَ قِيراطٍ


(١) في (آ): لمن أونق.
(٢) أي: أثقله بالذنوب.
(٣) ورواه البيهقي في "البعث والنشور" (١) عن الحاكم، وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
(٤) في (آ): هي، وهو خطأ.
(٥) رواه أحمد في المسند (٣/ ٣٨٤) ومسلم (٢٠١).
(٦) في (آ): كالثغارير، وهو خطأ، والثعارير، جمع ثعرور، وهو الِقثَّاء الصغار.

<<  <  ج: ص:  >  >>