للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكانتْ حُجَرُه [أكسيةً] من شعرٍ مربوطةٍ بخشب من عَرْعَر (١).

قال (٢): وفي تاريخ البخاري أنَّ بابه كان يُقْرَع بالأظافير، فدلَّ على أنه لم يكن لأبوابه حَلَق. قال: وقد أُضيفت الحُجَر كلُّها بعد موت أزواج رسولِ اللَّه إلى المسجد.

قال الواقدي وابنُ جَرير وغيرهما (٣): ولما رجع عبد اللَّه بن أُريقط الدُّئَلي إلى مكة بعث معه رسولُ اللَّه وأبو بكر زيدَ بن حارثة وأبا رافع موليا رسولِ اللَّه ليأتوا بأهاليهم من مكة، وبعثا معهم بحِمْلَيْن وخمسمئة درهم ليشتروا بها إبلًا من قُدَيد؛ فذهبوا فجاؤوا ببنتي النبيِّ فاطمة وأم كلثوم وزوجتَيْه سودةَ وعائشةَ، وأمِّها أمِّ رُومان وأهلِ النبيِّ وآلِ أبي بكر صحبةَ عبد اللَّه بن أبي بكر، وقد شَرَّدَ بعائشة وأمِّها أمِّ رُومان الجمَلُ في أثناء الطريق، فجعلتْ أمُّ رُومان تقول: واعروساه! وابنتاه! قالت عائشة: فسمعتُ قائلًا يقول: أرسلي خِطامَه، فأرسلتْ خطامه فوقف بإذن اللَّه وسلَّمَنا اللَّه ﷿. فقَدِموا فنزلوا بالسُّنْح (٤). ثم دخل رسولُ اللَّه بعائشةَ في شوال بعد ثمانية أشهر كما سيأتي، وقدمتْ معهم أسماءُ بنتُ أبي بكر امرأةُ الزبيرِ بن العوَّام وهي حاملٌ مُتمٌّ بعبد اللَّه بن الزُّبير كما سيأتي بيانُه في موضعه من آخر هذه السنة.

فصل فيما أصابَ المهاجرين من حُمَّى المدينة أجمعين

وقد سلم الرسول منها بحول اللَّه وقوته ودعا اللَّه فأزاحها عن مدينته.

قال البخاري (٥): حدَّثنا عبد اللَّه بن يوسف (٦)، ثنا مالك عن (٧) هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: لما قدم رسولُ للَّه المدينة وُعِكَ (٨) أبو بكرٍ وبلال، قالت: فدخلتُ عليهما فقلت: يا أبةِ كيف تَجِدُك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر إذا أخذَتْهُ الحُمَّى يقول: [من الرجز]

كُلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ في أهلِهِ (٩) … والموتُ أدْنَى من شِرَاكِ نَعْلِهِ


(١) "العَرْعَر": شجر السَّرْو. القاموس (عرعر).
(٢) يعني السهيلي في الروض.
(٣) طبقات ابن سعد (٨/ ٦٢، ٦٣) وتاريخ الطبري (٢/ ٤٠٠).
(٤) تقدم تعريف السُّنح (ص ٣٧٧ ح ٤).
(٥) فتح الباري (٣٩٢٦) مناقب الأنصار باب مقدم النبي وأصحابه المدينة.
(٦) في ط: عبد اللَّه بن وهب بن يوسف. تحريف، والمثبت من ح وصحيح البخاري في الفتح.
(٧) في ح، ط: مالك بن هشام. تحريف، والمثبت من صحيح البخاري.
(٨) "وُعِك": أصابه الوعك وهي الحُمَّى. فتح الباري.
(٩) "مصبَّحٌ": أي مصاب بالموت صباحًا، أو يقال له وهو مقيم بأهله: صبَّحَكَ اللَّهُ بالخير وقد يفجؤه الموت في بقية =