للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُوفي الكِسَائيُّ في هذه السنةِ على المشهور، عن سبعين سنة. وكان في صُحْبةِ الرشيدِ ببلادِ الرَّيّ، فمات بنواحيها، هو ومحمد بن الحسن في يومٍ واحد. وكان الرشيدُ يقول: دفنتُ الفقهَ والعربيةَ بالرَّي.

قال ابن خَلِّكان (١): وقيل: إنَّ الكِسَائي توفي بطُوسَ سنةَ ثنتين [أو ثلاث] وثمانين ومئة. واللَّه أعلم.

وقد رأى بعضُهم الكِسَائي في المنام ووجهُه كالبَدْر، فقال: ما فعل بكَ ربُّك؟ فقال: غفَرَ لي بالقرآن. فقلت: ما فعل حمزة؟ قال: ذاك في عِلِّيِّين، ما نراهُ إلا كما نَرَى الكوكب.

[وفيها توفي]

محمد بن الحسن بن فَرْقَد (٢) أبو عبد اللَّه الشيباني مولاهم، صاحبُ أبي حنيفة، أصلُهُ من قريةٍ من قُرى دمشق، قدم أبوه العراق، فولد بواسط سنةَ ثنتَيْن ومئة، ونشأ بالكوفة. فسمع من أبي حنيفة، ومِسْعَر، والثوري، وعمر بن ذر، ومالك بن مِغْوَل. وكتب عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وأبي يوسف. وسكن بغداد، وحدَّث بها. وكتب عنه الشافعي حين قَدِمها في سنةِ أربعٍ وثمانين ومئة، وولَّاه الرشيدُ قضاءَ الرقَّة، ثم عزله. وخرج مع الرشيد إلى الرَّي فماتَ بها.

وكان يقولُ لأهله: لا تسألوني حاجةً من حاجاتِ الدنيا فتشغَلُوا قلبي، وخذوا ما شئتُم من رَحْلي، فإنه أقل لِهَمِّي، وأفرغُ لقلبي.

وقال الشافعي: ما رأيتُ حبرًا سمينًا مثلَه! ولا رأيتُ أخفَّ روحًا منه، ولا أفصحَ منه؛ كنتُ إذا سمعتُه يقرأُ القرآنَ كأنَّما يَنْزِلُ القرآنُ بلغتِه.

وقال أيضًا: ما رأيتُ أعقلَ منه! كانَ يملأ العَيْنَ والقلب.

قال الطَّحَاويّ: كان الشافعيُّ قد طلبَ من محمدِ بنِ الحسن كتاب السِّيَر، فلم يُجِبْهُ إلى الإعارة. فكتب إليه:


= من الإنسان والمَصْفَعان: الذي يُصْفعُ على قَفَاه. وفي جواب النجار ضرب من السخرية بشيخ العربية، الذي لم يقم لسانه بقواعد النحو، إذ الوجه أن يقول: "بكم هذين البابين؟ ".
(١) في وفيات الأعيان (٣/ ٢٩٦)، وما يأتي بين معقوفين منه.
(٢) في (ق): محمد بن الحسن بن زفر، وهو تصحيف، والمثبت من (ب، ح) ومصادر ترجمته، وهي في: الضعفاء للعقيلي (٤/ ٥٢)، الكامل لابن عدي (٦/ ١٧٤)، المجروحين (٢/ ٢٧٥)، تاريخ بغداد (٢/ ١٧٢)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (٣/ ٥٠)، ميزان الاعتدال (٦/ ١٠٧)، المقتنى في سرد الكنى (١/ ٣٥٨)، سير أعلام النبلاء (٩/ ١٣٤)، المغني في الضعفاء (٢/ ٥٦٧)، رواة الآثار لابن حجر (١٦٢)، التدوين في أخبار قزوين (١/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>