للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطرقات. وسيأتي (١) ذكر شيء من أيامه وترجمته إن شاء الله تعالى.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

[أبو إسحاق المُزَكّي] (٢): إبراهيم ين محمد بن نوح بن عبد اللّه، أبو إسحاق المزكي، الحافظ، الزاهد، إمام أهل عصره بنيسابور في معرفة الحديث والرجال والعلل، وقد سمع خلْقًا من المشايخ الكبار، ودخل على الإمام أحمد وذاكره، وكان مجلسه مهيبًا، ويقال: إنه كان مجاب الدعوة، وكان لا يملك إِلَّا داره التي يسكنها، وحانوتًا يستغلّه كلَّ شهر سبعة عشر درهما ينفقها على نفسه وعياله، وكان لا يقبل من أحدٍ شيئًا، وكان يطبخ له الجزر بالخل فيتأدَّم به طول الشتاء. وقال أبو علي الحسين بن علي الحافظ النيسابوري: لم تر عيناي مثله.

أبو الحسين النُّوري أحد أئمة الصوفية (٣): أحمد بن محمد، ويقال: محمّد بن محمّد، والأوَّل أصحُّ، أبو الحسين النُّوري. ويعرف بابن البَغَويّ، وأصله من خراسان، وحدَّث عن سَرِيّ السَّقَطيّ، ثم صار هو من أكابر أئمة القوم.

قال أبو أحمد المَغَازلي: ما رأيت أحدًا قطُّ أعبدَ من أبي الحسين النّوري. قيل له: ولا الجُنَيد؟ قال: ولا الجنيد.

وقال غيره (٤): صام عشرين سنة لا يعلم به أحدٌ لا من أهله ولا من غيرهم.

وكانت وفاته في مسجدٍ وهو مقنّع، فلم يعلم به أحد إِلَّا بعد أربعة أيام.

إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سَامان السّاماني (٥): أحد ملوك خراسان للخلفاء، وهو الذي قتل عمرو بن الليث الصفَّار الخارجيّ، وكتب بذلك إلى الخليفة المعتضِد، فولاه خراسان، ثم ولاه المكتفي الرَّيَّ وما وراء النهر، وبلادَ الترك، فأوقع بهم باسًا شديدًا. وبنى الرُّبط في الطرقات يسَعُ الرِّباطُ منها ألفَ فارس، وأوقف عليها أوقافًا جزيلة.

وقد أهدى إليه طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث هدايا عظيمة؛ منها ثلاث عشرة جوهرة، زنة كلِّ واحدةٍ منها ما بين السبعة مثاقيل إلى العشرة، وبعضها أحمر، وبعضها أزرق، قيمتها مئة ألف دينار، فبعث بها إلى الخليفة المعتضد، وشفع في طاهر فشفَّعَه فيه.


(١) سيأتي ذلك كما ذكرنا في حوادث سنة ٣٢٠ هـ.
(٢) زيادة من ط، وترجمته في المنتظم (٦/ ٧٦).
(٣) حلية الأولياء (١٠/ ٢٤٩)، تاريخ بغداد (٥/ ١٣٠)، صفة الصفوة (٢/ ٤٣٩)، المنتظم (٦/ ٧٧)، سير أعلام النبلاء (١٤/ ٧٠)، طبقات الأولياء (٦٢).
(٤) هو أبو جعفر الفرغاني، كما في المنتظم (٦/ ٧٧)، وصفة الصفوة (٢/ ٤٣٩).
(٥) المنتظم (٦/ ٧٧)، وفيات الأعيان (٥/ ١٦١)، سير أعلام النبلاء (٤/ ١٥٤)، شذرات الذهب (٢/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>