للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم استهلت سنة خمسمئة من الهجرة النبوية]

قال أبو داود في "سننه": [حَدَّثَنَا موسى بن سهل] (١) حَدَّثَنَا حجَّاج بن إبراهيم، حَدَّثَنَا [ابن] وهب، حدّثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول اللّه :"لن يَعجِزَ اللهُ هذه الأمة من نصف يوم". حَدَّثَنَا عمرو بن عثمان (٢)، حَدَّثَنَا أبو المغيرة، حدَّثني صفوان، عن شُريح بن عُبَيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن النَّبِيّ : أنه قال (٣): "إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربِّها أن يؤخّرها نصف يوم". قيل لسعد: وكم نصف يوم؟ قال: خمسمئة سنة (٤). وهذا من دلائل النبوّة، وذكر هذه المدة لا ينفي زيادة عليها، كما هو الواقع، لأنه ذكر شيئًا من أشراط الساعة لا بدّ من وقوعها، كما أخبر سواء بسواءٍ، وسيأتي ذِكرها في بعد زماننا، وبالله التوفيق [وباللّه المستعان، ولا حول ولا قوة إِلَّا باللّه].

[ومما وقع في هذه السنة من الحوادث]

أنّ السلطان محمد بن ملك شاه حاصر في هذه السنة قلاعًا كثيرة من حصون الباطنية، فافتتح منها أماكن كثيرة، وقتل منهم خلقًا كثيرًا، وجمعًا كبيرًا، وجمًّا غفيرًا، وكان من جملة ما افتتح من ذلك قلعة حصينة كان أبوه قد بناها بالقرب من أصبهان، في رأس جبل منيع [هناك، وكان سبب بنائه أنّه كان مرّة في بعض صيوده فهرب منه كلب، فاتبعه إلى رأس الجبل فوجده، وكان معه رجل من رسل الروم، فقال الرومي: لو كان هذا الجبل ببلادنا لاتّخذنا عليه قلعة، فحدا هذا الكلام السلطان إلى أن ابتنى في رأسه قلعة] (٥). وكان قد صرف بالبناء ألف ألف دينار ومئتي ألف دينار، فاستحوذ عليها بعد ذلك رجل من الباطنية يقال له: أحمد بن عبد الله بن عَطَاش (٦)، فتعب المسلمون بسببها، وحاصرها السلطان محمد سنة حتى افتتحها، وسلخ هذا الرجل، وحشا جلده تِبنًا، وقطع رأسه فطيف به في الأقاليم، ثمّ نقض هذه القلعة حجرًا حجرًا، [وألقت امرأته نفسها من أعلى القلعة فتلِفت، وهلك ما كان معها من الجواهر


(١) في (ط): "قال أبو داود في سننه: حَدَّثَنَا حجاج بن إبراهيم .. إلخ" وهذا لا يصح لأن حجاجًا ليس من شيوخ أبي داود، والصواب ما أثبتناه بين حاصرتين من سنن أبي داود (٤٣٤٩)، وهو موسى بن سهل بن قادم، أبو عمران الرملي المتوفى سنة ٢٦٢ على الصحيح (بشار).
(٢) سنن أبي داود (٤٣٥٠) (بشار).
(٣) في سنن أبي داود: أن النَّبِيّ قال:
(٤) مأخوذ من قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾، وقوله سبحانه: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (بشار).
(٥) زيادة من (ب) و (ط).
(٦) في (ط): عطاء. خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>