للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبد اللَّه بن أبيّ ابن سلول، وكان رأس المنافقين - ورئيس الخزرج والأوس أيضًا، كانوا قد أجمعوا على أن يملّكوه عليهم في الجاهلية، فلمّا هداهم اللَّه للإسلام قبل ذلك، شرق اللعين بريقه (١)، وغاظه ذلك جدًّا - وهو الذي قال: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨] (٢).

وقد نزلت فيه آيات كثيرة جدًّا، وفيه وفي وديعة -رجل من بني عوف- ومالك بن أبي قوقل، وسويد، وداعس، وهم من رهطه، نزل [قوله تعالى]: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ﴾ الآيات [الحشر: ١٢] (٣). حين مالوا في الباطن إلى بني النّضير.

[فصل]

ثم ذكر ابن إسحاق (٤) مَنْ أسلم من أحبار اليهود على سبيل التّقيّة، فكانوا كفارًا في الباطن، فأتبعهم بصنف المنافقين، وهم من شرّهم؛ سعد بن حنيف، وزيد بن اللّصيت، وهو الذي قال حين ضلّت ناقة رسول اللَّه : يزعم محمد أنّه يأتيه خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته! فقال رسول اللَّه : "واللَّه لا أعلم إلّا ما علّمني اللَّه، وقد دلّني اللَّه عليها، فهي في هذا الشعب، قد حبستها شجرة بزمامها". فذهب رجال من المسلمين فوجدوها كذلك (٥).

قال: ونعمان بن أوفى، وعثمان بن أوفى، ورافع بن حُرَيملة، وهو الذي قال فيه رسول اللَّه يوم مات -فيما بلغنا-: "قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين".

ورفاعة بن زيد بن التابوت، وهو الذي هبّت الريح الشديدة يوم موته، عند مرجع رسول اللَّه من تبوك، فقال: "إنّها هبّت لموت عظيم من عظماء الكُفَّار" فلمّا قدموا المدينة، وجدوا رفاعة قد مات في ذلك اليوم (٦).

وسلسلة بن بِرهام، وكنانة وابن صوريا. فهؤلاء ممن أسلم من منافقي اليهود.

قال (٧): فكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد، ويسمعون أحاديث المسلمين، ويسخرون


(١) أي غص به. انظر "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٤٦٥ - ٤٦٦).
(٢) رواه البخاري رقم (٤٩٠٠).
(٣) رواه ابن إسحاق وابن المنذر وأبو نعيم في "الدلائل" عن ابن عباس.
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٢٧ - ٥٢٨).
(٥) ورواه الواقدي في "المغازي" (٢/ ٤٢٣)، عن ابن رومان وعاصم بن عمر بن قتادة بنحوه، والبيهقي في "الدلائل" (٤/ ٥٩ - ٦٠)، عن موسى بن عقبة مرسلًا.
(٦) وذكره الواقدي في "المغازي" (٢/ ٤٢٢ - ٤٢٣)، عن رافع بن خديج وجابر بن عبد اللَّه، وابن إسحاق في "سيرته" في غزوة بني المصطلق عن شيوخه الثلاثة مرسلًا، وسيأتي عند المصنِّف.
(٧) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٢٨ - ٥٢٩).