للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممَّن يقولُ بقولِ الجُمْهور وهو أنه أُنْزِل عليه القرآنُ وعُمْرُه أربعون سنةً، فقد ذهب إلى أنه عاش ثمانيًا وخمسين سنة. وهذا غريب جدًا.

ولكن رُوِّينا من طريق مُسَدَّدٍ، عن هاشم بن حسان، عن الحسن، أنّه قال: تُوفِّي رسول اللَّه وهو ابنُ ستّين سنة (١). وقال خليفة بن خياط (٢): ثنا أبو عاصم، عن أشعث، عن الحسن، قال: بُعث رسولُ اللَّه وهو ابنُ خمسٍ وأربعين، فأقام بمكة عشرًا، وبالمدينة ثمانيًا، وتُوفِّي وهو ابن ثلاث وستين. وهذا بهذه الصفة غريبٌ جدًا واللَّه أعلم.

صِفَةُ غَسْلِهِ

قَدْ قَدَّمنا أنَّهم اشْتَغَلوا ببَيْعَةِ الصّدّيق بقيةَ يومِ الاثنين وبعضَ يوم الثلاثاء، فلمَّا تَمَهَّدَت وتَوطَّدَتْ وتَمَّتْ، شرعوا بعد ذلك في تَجْهيزِ رسولِ اللَّه مُقْتَدين في كل ما أشْكَلَ عليهم بأبي بكر الصّدّيق .

قال ابن إسحاق (٣): فلما بُويع أبو بكر أقبل الناسُ على جهازِ رسول اللَّه يومَ الثلاثاء. وقد تقدَّم من حديث ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة: أن رسول اللَّه توفِّي يوم الاثنين، ودُفن ليلة الأرْبعاء.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة (٤): حدَّثنا أبو معاوية، ثنا أبو بُرْدة، عن عَلْقَمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُرَيْدة، عن أبيه، قال: لمّا أخذوا في غسلِ رسولِ اللَّه ناداهم منادٍ من الداخل أنْ لا تُجَرِّدوا (٥) عن رسول اللَّه قميصَه. ورواه ابن ماجه (٦) من حديث أبي مُعاويَة، عن أبي بُرْدَة - واسمه عمرو بن يزيد التميمي كوفي.

وقال محمد بن إسحاق: حدّثني يحيى بن عَبّاد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه سمعتُ عائشة تقول: لما أرادوا غسلَ النبيِّ ، قالوا: ما نَدْري أنُجَرّدُ رسولَ اللَّه من ثيابه، كما نُجَرِّدُ مَوْتانا، أم نُغَسّلُه وعليه ثيابُه؟ فلما اختلفوا ألقى عليهم اللَّه النومَ حتى ما منهم رجلُ (٧) إلا وذَقَنه في صَدْره، ثم كلَّمَهُم مُكَلِّمٌ


(١) تاريخ خليفة بن خياط (١/ ٦٩) من طريق هشام به.
(٢) تاريخ خليفة (١/ ١١).
(٣) سيرة ابن هشام (٢/ ٦٦٢).
(٤) دلائل النبوة للبيهقي (٧/ ٢٤٣) من طريق ابن أبي شيبة به.
(٥) أ: (أن تخرجوا عن) وفي (لا تخرجوا).
(٦) ابن ماجه (١٤٦٦)، وإسناده ضعيف.
(٧) ط: (أحد).