للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر قصّة صَفِيَّة بنت حُيَي بن أخطب النّضرية (١)

وكان من شأنها أنه لما أَجلى رسول اللّه يهود بني النّضير من المدينة، كما تقدَّم، فذهب عامّتهم إلى خيبر، وفيهم حُيَيّ بن أخطب، وبنو أبي الحُقَيق، وكانوا ذوي أموال وشرف في قومهم، وكانت صَفِيّة إذ ذاك طفلة دون البُلوغ، ثم لمّا تأهّلت للتّزويج، تزوّجها بعض بني عمِّها، فلما زُفت إليه وأُدخلت عليه بنى بها، ومضى على ذلك ليالٍ، رأت في منامها كأنَّ قمر السماء قد سقط في حَجْرِهَا، فقصَّت رؤياها على ابن عَمِّهَا، فلطم وجهها، وقال: أتتمنّين مَلِكَ يَثْربَ أن يَصير بَعْلَكِ. فما كان إلا مجيء رسول الله وحصاره إيَّاهم، وكانت صَفِيَّة في جملة السَّبي، وكان زوجها في جملة القَتْلَى. ولمَّا اصطفاها رسول الله ، وصارت في حوزه وملكه، كما سيأتي، وبنى بها، بعد استبرائها [وحِلّها]، وجد أثر [تلك] اللَّطمة في خدّها، فسألها: "ما شأنها؟ " فذكرت له ما كانت رأت من تلك الرؤيا الصَّالحة، وأرضاها.

قال البخاريّ (٢): ثنا سليمان بن حرب، ثنا حمَّاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: صلى النَّبِيّ الصُّبْحَ قريبًا من خيبر بغلس ثم قال: "الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا [بساحة] قومٍ فساء صباح المنذَرين" فخرجوا يسعون في السِّكك، فقتل النَّبِيّ المقاتلة وسبى الذُّرِّية، وكان من السَّبي صَفيَّةُ، فصارت إلى دِحْيَةَ الكلبيّ، ثم صارت إلى النَّبي ، فجعل عِتْقَهَا صَدَاقَها.

ورواه مسلم (٣) أيضًا من حديث حماد بن زيد - وله طرق - عن أنس.

وقال البخاريّ (٤): ثنا آدم، ثنا شُعبة، عن عبد العزيز بن صهيب [قال]: سمعت أنس بن مالك يقول: سبى النَّبِيّ صَفِيَّة، فاعتقها وتزوّجها. قال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها فأعتقها. تفرّد به البخاريّ من هذا الوجه.


(١) ترجمتها في "الاستيعاب بمعرفة الأصحاب" (٤/ ١٨٧١)، و"الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" ص (٤٥)، و"جامع الأصول" (١٢/ ٢٥٩)، و"أسد الغابة" (٧/ ١٦٩)، و"سير أعلام النبلاء" (٢/ ٢٣١)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" (٤/ ٣٤٦)، و"شذرات الذهب" (١/ ٢٤٥)، و"أعلام النساء" (٢/ ٣٣٣).
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" رقم (٤٢٠٠).
(٣) رواه مسلم رقم (١٣٦٥) (٨٤ - ٨٨).
(٤) رواه البخاري رقم (٤٢٠١).