للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة بقرة بني إسرائيل]

قال اللّه تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٦٧) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (٦٨) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٦٧ - ٧٣].

قال ابن عباس وعَبِيدة السلماني وأبو العالية ومجاهد والسُّدّي، وغير واحد من السلف: كان رجل في بني إسرائيل كثير المال، وكان شيخًا كبيرًا، وله بَنو أخٍ، وكانوا يتمنَّوْن موته ليرثوه، فعمد أحدُهم فقتله في الليل، وطرحه في مجمع الطريق (١)، ويقال على باب رجل منهم، فلما أصبح الناس اختصموا فيه، وجاء ابن أخيه فجعل يصرخ ويتظلَّم، فقالوا: ما لكم تختصمون ولا تأتون نبيَّ اللّه، فجاء ابن أخيه، فشكى أمرَ عمه إلى رسول اللّه موسى فقال موسى : أنشد اللّه رجلًا عنده عِلمٌ من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به، فلم يكن عند أحد منهم علمٌ منه، وسألوه أن يسأل في هذه القضية ربّه ﷿ فسأل ربه ﷿ في ذلك، فأمره اللّه تعالى أن يأمرهم بذبح بقرهّ، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ يعنون نحن نسألك عن أمر هذا القتيل، وأنت تقول لنا هذا. ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ أي: أعوذ باللّه أن أقول عنه غير ما أُوحيَ إليَّ. وهذا هو الذي أجابني حين سألته عمَّا سألتموني عنه أن أسأله فيه.

قال ابن عباس وعَبِيدة ومجاهد وعكرمة والسدي وأبو العالية، وغير واحد: فلو أنّهم عَمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصودُ منها، ولكنهم شددوا، فشدَّد عليهم. وقد ورد فيه حديث مرفوع (٢)، وفي إسناده ضعف، فسألوا عن صفتها، ثمّ عن لونها ثمّ عن سنّها، فأجيبوا بما عزّ وجودُه عليهم، وقد ذكرنا تفسير ذلك كلّه في "التفسير" (٣).


(١) في ط: الطرق.
(٢) انظر الدر المنثور (١/ ١٩٠).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ١٠٨).