للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوزير عميد الدولة ابن جَهْير (١) محمد بن أبي نصر محمد بن محمد بن جَهير، الوزير الكبير، أبو منصور، الملقب عميد الدولة.

أحد رؤساء الوزراء، وسادات الكبراء، خدم ثلاثة من الخلفاء، ووزر لاثنين منهم، وكان حليمًا قليل العَجَلة، إِلَّا أنَّه كان يُتكلَّم فيه بسبب الكِبْر، وقد ولي الوزارة مرات، يُعزل ثُمَّ يُعاد، ثمّ كان آخرها هذه المرّة، حُبِس بدار الخلافة فلم يخرج من السجن، إِلَّا ميتًا في شوال من هذه السنة.

ابن جَزْلَة (٢) يحيى بن عيسى بن جزلة، الطبيب، صاحب "المنهاج" (٣) في الطب.

كان نصرانيًا، وكان يتردد إلى الشيخ أبي علي بن الوليد المعتزلي (٤) يشتغل عليه في المنطق، فكان يدعوه إلى الإسلام، ويوضِّح له الدّلالات، حتى أسلم وحسن إسلامه، حتى استخلفه أبو عبد اللّه الدامغاني قاضي القضاة في كتب السجلات، ثمّ كان يطبِّب الناس بعد ذلك بلا أجر، وربّما ركّب لهم الأدوية من ماله تبرّعًا، وقد أوصى بكتبه أن تكون وقفًا في مشهد الإمام أبي حنيفة، .

[ثم دخلت سنة أربع وتسعين وأربعمئة]

فيها: عَظُم الخطب بأصبهان ونواحيها بالباطنيّة، فقتل السلطان منهم خلقًا كثيرًا، وأبيحت دِماؤهم وأموالهم للعامّة [ونودي فيهم: إن كلّ من قدرتم عليه منهم فاقتلوه وخذوا ماله] (٥) وكانوا قد استحوذوا على قِلاع كثيرة، وأوّل قلعةٍ ملكوها في سنة ثلاث وثمانين، وكان الذي ملكها الحسن بن الصبّاح أحد دعاتهم، وكان قد دخل مصر وتعلّم من الزنادقة الذين كانوا بها، ثمّ صار إلى تلك النواحي ببلاد أصبهان، فكان لا يدعو إِلَّا غبيًّا [جاهلًا] لا يعرف يمينه من شماله، ثمّ يطعمه العسل بالجوز والشونيز، حتى يحترق مزاجه، ويفسد دماغه، ثمّ يذكر له شيئًا من أخبار أهل البيت، ويكذب له من كذبات الرَّوافض الضُّلال، أنَّهم ظُلِموا، ومُنِعوا حقَّهم [الذي أوجبه لهم اللّه ورسوله] ثم يقول له: فإذا كانت الخوارج تقاتل مع بني أميّة لعلي، فأنت أحق أن تقاتل في نصرة إمامك علي بن أبي طالب، ولا


(١) المنتظم (٩/ ١١٨)، الكامل في التاريخ (١٠/ ٢٩٨)، سير أعلام النبلاء (١٩/ ١٧٥)، الوافي بالوفيات (١/ ١٢٢)، النجوم الزاهرة (٥/ ١٦٥).
(٢) المنتظم (٩/ ١١٩)، الكامل في التاريخ (١٠/ ٣٠٢)، عيون الأنباء (٣٤٣)، وفيات الأعيان (٦/ ٢٦٧)، سير أعلام النبلاء (١٩/ ١٨٨)، النجوم الزاهرة (٥/ ١٦٦).
(٣) قال ابن خلّكان في هذا الكتاب: رتبه على الحروف، وجمع فيه أسماء الحشائش والعقاقير والأدوية وغير ذلك شيئًا كثيرًا.
(٤) في (ط): "المغربي" وهو تحريف.
(٥) زيادة من (ب) و (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>