للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا سفسطة، وكفرٌ فظيع، وجهل بليغ، ومكابرةٌ للمحسوسات، وتكذيبٌ لربِّ الأرض والسماوات، وقد أجمعَ أهلُ الأديان الناقلون عن رسلِ الرحمن مع ما تواتر عندَ الناس في سائر الأزمان على وقوع الطوفان، وأنَّه عمَّ جميعَ البلاد ولم يُبْقِ اللَّهُ أحدًا من كفرة العباد، استجابةً لدعوة نبيِّه المؤيد المعصوم، وتنفيذًا لما سبق في القدر المحتوم.

* * *

ذكرُ شيء من أخبار نوح نفسه

قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ [الإسراء: ٣] قيل: إنه كان يحمد اللَّه على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله (١).

وقال الإمام أحمد (٢): حدَّثنا أبو أسامة، حدَّثنا زكريا بن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه : "إنَّ اللَّه ليَرضى عن العبد أنْ يأكلَ الأكْلة فيحمدَه عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها".

وكذا رواه مسلم والترمذي والنَّسائي (٣) من حديث أبي أسامة: والظاهر أن الشكور هو الذي يعملُ بجميع الطَّاعات القلبية والقولية والعملية، فإن الشكرَ يكون بهذا وبهذا وبهذا، كما قال الشاعر: [من الطويل]

أفادتكُمُ النعماءُ منّي ثلاثةً … يدي ولِساني والضميرَ المُحجَّبا (٤)

* * *

ذِكرُ صومه (٥)

وقال ابن ماجه (٦) -باب صيام نوح : حدَّثنا سهلُ بن أبي سَهْل، حدَّثنا سعيد بن


(١) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٣٤).
(٢) في المسند (٣/ ١١٧).
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٣٤) في الذكر والدعاء، والترمذي (١٨١٦) في الأطعمة، والنسائي (٦٨٩٩) في السنن الكبرى.
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (١/ ٨) وابن القيم في كتابه طريق الهجرتين (ص ٦٢١) فقال: فاليد: للطاعة، واللسان للثناء، والضمير: للحب والتعظيم.
(٥) في أ: صيامه.
(٦) في سننه (١٧١٤) في الصيام، وفي مصباح الزجاجة: في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف وقد ثبت النهي عن صيام الدهر في غير ما حديث.