للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذه السنة وقع بين معاوية وأبي ذرٍّ بالشام، وذلك أن أبا ذرٍّ أنكر على معاوية بعض الأمور، وكان ينكر على من يقتني مالًا من الأغنياء. ويمنع أن يدَّخر فوقَ القُوت، ويوجب أن يُتصدّقَ بالفضل، ويتأوّلَ قول الله : ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤] فينهاه معاوية عن إشاعة ذلك فلا يمتنع، فبعث يشكو (١) إلى عثمان، فكتب عثمان إلى أبي ذرِّ أن يقدمَ عليه المدينةَ، فقدمها فلامه عثمانُ على بعض ما صدر منه، واسترجعه فلم يرجع فأمره بالمقام بالرَّبَذَةِ -وهي شرقي المدينة- ويقال إنه سأل عثمان أن يقيم (بها) وقال: إن رسول الله قال (لي): "إذا بلغ البناء سلعا (٢) فاخرج منها" (٣) وقد بلغ البناء سلعًا، فأذن له عثمان بالمقام بالرَّبَذَة، وأمره أن يتعاهد المدينة في بعض الأحيان، حتى لا يرتدّ أعرابيًا بعد هِجْرتهِ، ففعل فلم يزل مقيمًا بها حتى مات على ما سنذكره .

وفي هذه السنة زاد عثمان النداء الثالث يوم الجمعة على الزَّوْراء (٤).

[فصل]

وممن ذكر شيخنا أبو عبد الله الذهبي (٥) أنه توفي في هذه السنة - أعني سنة ثلاثين:

أُبيّ بن كعب (٦) فيما صححه الواقدي (٧).

(جَبّار) بن صَخْر (٨) بن أُميَّة بن خَنْساء، أبو عبد الرحمن الأنصاري، عقبيٌّ بدريٌّ، وقد بعثه


= بخاتم أخر من نحاس، فقال له جبريل : انبذه من أصبعك، فنبذه رسول الله من أصبعه، وأمر بخاتم من ورق، فجعله في أصبعه قأقره جبريل، وأمر أن ينقش عليه: "محمد رسول الله". ولم يذكر أن رسول الله اتخذ خاتمًا من ذهب، وكذلك في الصحيح فقد وصف خاتم رسول الله البخاري في صحيحه رقم (٥٨٧٠) في اللباس وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان- (١٤/ ٣٠٣) رقم (٦٣٩٢) وغيرهما.
(١) في أ: فبعث شكواه.
(٢) سَلْع: موضع بقرب المدينة. معجم البلدان (٣/ ٢٣٦).
(٣) الحديث أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٦/ ٤٠١).
(٤) الزَّوْراء: موضع عند سوق المدينة قرب المسجد. معجم البلدان (٣/ ١٥٦) والخبر في تاريخ الطبري (٤/ ٢٨٧).
(٥) في تاريخ الإسلام (٢/ ٨٤ - ٨٥).
(٦) ترجمة -أبي بن كعب- في الاستيعاب (١/ ١٢٦) وجامع الأصول (١٣/ ١٠) وأسد الغابة (١/ ٦١) وتهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٠٨) ومختصر تاريخ دمشق (٤/ ١٩٧) وسير أعلام النبلاء (١/ ٣٨٩ - ٤٠٢) والإصابة (١/ ٢٦).
(٧) قيل إنه مات سنة ١٩، وقيل سنة ٢٠، وقيل سنة ٢٢، وقيل سنة ٣٢.
(٨) ترجمة -جبار بن صخر- في الاستيعاب (١/ ٢٢٨) وجامع الأصول (١٣/ ٢٤٠) وأسد الغابة (١/ ٣١٦) وتهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٤٣) والإصابة (١٠/ ٢٢٠).