للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل فيما حكم به بمكَّة من الأحكام

قال البخاريُّ (١): حدَّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، عن النبيِّ .

(ح) وقال اللّيث (٢): حدَّثني يونس، عن ابن شهاب، أخبرني عُروة بن الزبير، أن عائشة قالت: كان عُتبة بن أبي وقّاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبِض ابن وليدة زمعة، وقال عُتبة: إنه ابني. فلمَّا قدم رسول الله مكة في الفتح، أخذ سعد بن أبي وقاص ابن وليدة زمعة، فأقبل به إلى رسول الله ، وأقبل معه عبد بن زمعة، فقال سعد بن أبي وقاص: هذا ابن أخي، عهد إليَّ أنه ابنهُ، فقال عبد بن زمعة: يا رسول الله، هذا أخي، هذا ابن زمعة ولد على فراشه. فنظر رسول الله إلى ابن وليدة زمعة، فإذا هو أشبه الناس بعتبة بن أبي وقَّاص، فقال رسول الله : "هو لك، هو أخوك يا عبد بن زمعة، من أجل أنه ولد على فراشه". وقال رسول الله : "احتجبي منه يا سودة". لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقَّاص.

قال ابن شهاب، قالت عائشة: قال رسول الله : "الولد للفراش وللعاهر الحجر". قال ابن شهاب: وكان أبو هريرة يصرِّح بذلك.

وقد رواه البخاري أيضًا، ومسلم، وأبو داود، والترمذيُّ، جميعًا عن قتيبة، عن الليث به. وابن ماجه من حديث (٣)، وانفرد البخاريُّ بروايته له من حديث مالك، عن الزهريِّ.

ثم قال البخاريُّ (٤): ثنا محمد بن مقاتل، أنبأنا عبد الله، أنا يونس، عن ابن شهاب، أخبرني عروة بن الزبير، أن امرأة سرقت في عهد رسول الله في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه. قال عروة: فلمَّا كلَّمه أسامة فيها، تلوَّن وجه رسول الله وقال: "أتكلِّمني في حدٍّ من حدود الله؟! " فقال أسامة: استغفر لي يا رسول الله. فلمَّا كان العشيُّ قام رسول الله خطيبًا فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "أمَّا بعد، فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد


(١) رواه البخاري رقم (٤٣٠٣).
(٢) ووصله الذهلي في "الزهريات". قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٨/ ٢٤).
(٣) رواه البخاري رقم (٢٢١٨) ومسلم (١٤٥٧) من طريق الليث عن الزهري به، ليس بينهما يونس، وأخرجه أبو داود (٢٢٧٣) وابن ماجه رقم (٢٠٠٤) من طريق ابن عيينة عن الزهري ولم نقف عليه في الترمذي.
(٤) في "صحيحه" رقم (٤٣٠٤).