للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبة المصريين منها، وقد كان يخطب لهم فيها مئة سنة، فانقطع ذلك في هذه السنة، وللَّه الحمد والمنّة.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

الحافظ أبو بكر، الخطيب البغدادي (١) أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي.

أحد مشاهير الحفّاظ، وصاحب "تاريخ بغداد" وغيره من المصنّفات العديدة المفيدة، نحو من ستين مصنّفًا، ويقال: مئة مصنّف، فاللَّه أعلم.

ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمئة، وقيل: سنة ثنتين وتسعين (٢)، وأول سماعه سنة ثلاث وأربعمئة، ولا ببغداد، وتفقه على القاضي أبي الطيب الطبري (٣) وغيره من أصحاب الشيخ أبي حامد [الإسفراييني]، وسمع الحديث الكثير، ورحل إلى البَصرة، ونَيسابور، وأصبهان، وهمَذان، والشام، والحجاز، وسُمي الخطيب لأنَّه كان يخطب بدَرْزيجان (٤)، وسمع بمكة على القاضي أبي عبد اللَّه محمد بن سلامة القُضاعي، وقرأ "صحيح البخاري" على كريمة بنت أحمد في خمسة أيام، ورجع إلى بغداد فحظي عند الوزير أبي القاسم بن المَسْلَمة، ولمّا ادّعى اليهود الخيابرة: أنّ معهم كتابًا نبويًّا فيه إسقاط الجزية عنهم، أوقف [ابن مَسْلَمة] الخطيب [على هذا الكتاب] فقال: هذا كذب. فقيل: ما الدليل على ذلك؟ فقال: لأن فيه شهادة معاوية بن أبي سفيان ولم يكن أسلم يوم خيبر، وقد كانت خيبر في سنة سبع من الهجرة، وإسلام معاوية يوم الفتح، وفيه شهادة سعد بن معاذ، وقد كان توفي عام الخندق سنة خمس، فأعجب الناس ذلك، وقد سُبِق الخطيب إلى هذا النقد [سبقه محمد بن جرير] كما ذكرت في مصنّف مفرد.

ولمّا وقعت فتنة البساسيري ببغداد سنة خمسين خرج منها إلى الشام، فأقام بدمشق في المئذنة الشرقية من جامعها، يقرأ على الناس الحديث النبوي، وكان جهوري الصوت يُسمع صوته من أرجاء الجامع


(١) الأنساب (٥/ ١٥١)، تاريخ دمشق (٧/ ٢٢)، المنتظم (٨/ ٢٦٥)، معجم الأدباء (٤/ ١٣)، الكامل في التاريخ (١٠/ ٦٨)، وفيات الأعيان (١/ ٩٢)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٢٧٠) الخطيب البغدادي مؤرخ بغداد ليوسف العش.
(٢) هذا هو الصواب الذي ليس فيه ارتياب، فقد ذكر الخطيب في ترجمة أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين أنه ولد في يوم الخميس لست بقين من جمادى الآخرة سنة ٣٩٢ (تاريخ مدينة السلام ١٣/ ١٣٥ بتحقيقنا)، وكذلك أجاب حين سأله غيث بن علي الصوري (معجم الأدباء ١/ ٣٨٥ بتحقيق العلامة إحسان عباس). أما ما جاء في المنتظم من أنه ولد في سنة ٣٩١ فغلط محض (بشار).
(٣) تحرفت في (ط) إلى: أبي طالب الطبري، وقد تقدمت ترجمة أبي الطيب في وفيات سنة ٤٥٠.
(٤) في الأصل و (ط): درب ريحان، وهو تحريف، فقد ذكر ياقوت في معجمه (٢/ ٤٥٠) أن درزيجان قرية كبيرة تحت بغداد على دجلة بالجانب الغربي، منها كان والد الخطيب البغدادي وكان يخطب بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>