للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإمّا مضى جَبَلٌ وانْقَضى … فمنكَ لَنا جَبَلٌ قَدْ رَسَا

وإنّا فُجِعنا ببدرِ التَّمام … فَقَدْ بَقِيَتْ منه شَمْس الضُّحَى

لَنا حزَنٌ في مَحَلِّ السُّرورِ … فَكَم ضحكٍ في خِلال (١) البكا (٢)

فَيَا صارِمًا أغْمَدتْه يَدٌ … لنَا بَعدَكَ الصَّارِمُ المنْتَضى

ولَمّا حَضَرْنا لِعَقْدِ البياعِ … عَرَفْنا بِهَدْيِكَ طُرُقَ الهُدَى

فقابَلْتَنا بِوقارِ المَشيْبِ … كَمَالًا وسِنُّكَ سِنُّ الفَتَى

وطالَبتِ الأتراكُ برسم البيعة فلم يكن مع الخليفة شيء [يعطيهم] لأن أباه لم يترك مالًا، فكادت الفتنة تقع بين الناس بسبب ذلك، حتى دفع عنه الملك جلال الدَّولة، مالًا جزيلًا، نحوًا من ثلاثة آلاف دينار، واستوزر الخليفة أبا طالب محمد بن أيوب، واستقضى ابن ماكولا.

ولم يحجّ أحد من أهل المشرق سوى شرذمة خرجوا من الكوفة مع العرب [فحجّوا].

[وممن توفي فيها من الأعيان والكبراء [غير الخليفة]]

الحسن بن جعفر (٣) أبو علي بن مَاكُوْلا، الوزير لجلال الدولة، وقد تقدّم أنه بُعث إلى البطيحة ففتحها، ورام أخْذَ البصرة فلم يمكنه ذلك، وقاتلوه دونها، فأسروه، فسأل أن يُذْهب به إلى الملك أبي كاليجار فعفا عنه، وأطلقه، فلمّا صار إلى الأهواز، تعامل عليه غلام له وجارية، فقتلاه في ذي الحجة من هذه السنة عن ست وخمسين سنة.

عبد الوهّاب بن علي (٤) بن نصر بن أحمد بن الحسين بن هارون بن مالك بن طَوْق صاحب الرَّحْبَة، التَّغْلبيّ، البغداديّ، أبو محمد، أحد أئمّة المالكيّة، ومصنّفهم، ومنصفهم، له كتاب "التلقين" يحفظه الطلبة، وله غيره في الفروع والأصول، وقد أقام ببغداد دهرًا، وولي قضاء بادرايا، وباكسايا (٥)، ثم خرج من بغداد لضيق حاله بها، فلما دخل مصر أكرمه المغاربة، وأعطوه ذهبًا كثيرًا، وتموّل وسعد جدًا، فأنشأ يقول متشوّقًا إلى بغداد ومعالمها:

سَلامٌ على بَغْدادَ في كُلِّ مَوْقِفٍ … وَحُقَّ لَها مِنِّي سَلامٌ مضَاعفُ


(١) في (ط): محل.
(٢) في المنتظم: الرجا.
(٣) في المنتظم: (٨/ ٦١).
(٤) تاريخ بغداد (١١/ ٣١)، المنتظم (٨/ ٦١)، الكامل في التاريخ (٩/ ٤٢٢)، وفيات الأعيان (٣/ ٢١٩)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ٤٢٩)، النجوم الزاهرة (٤/ ٢٧٦)، شذرات الذهب (٣/ ٢٢٣).
(٥) بادرايا وباكسايا: بليدتان من أعمال العراق. معجم البلدان (١/ ٣١٦ و ٣٢٧ و ٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>