للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة إحدي وثلاثمئة من الهجرة النبوية]

فيها غزا الحسينُ بن حَمْدان (١) الصَّائفة، ففتح حصونًا كثيرة من بلاد الرَّوم، وقَتَلَ [منها] (٢) أممًا لا يُحْصون كثرة.

وفيها عزل المقتدر محمدَ بنَ عبيد الله (٣) عن وزارته، وقلَّدها عيسى [بنَ علي] (٤)، فكان من خيار الوزراء، وأقصدِهم للعَدْل والإحسان، واتَّباع الحقِّ.

وفيها كَثُرَتِ الأمراض الدَّمويَّة ببغداد في تموز وآب؛ فمات من ذلك خَلْق كثير وجمٌّ غفير من أهلها.

وفيها وصلتْ هدايا صاحب عُمَان، وفيها ببغة (٥) بيضاء وغزالٌ أسود.

وفي شعبان منها ركب المقتدر إلى باب الشَّمَّاسِيَّة (٦) على الخيل، ثم انحدر إلى داره في دِجْلَة، فكانت أول رِكْبَةٍ رَكِبَهَا جَهْرَة للعامة.

وفيها استأْذَنَ الوزير عليُّ بن عيسى المقتدر بالله في مكاتبة رأس القرامطة أبي سعيد الحسن بن بَهْرام الجَنَّابي فأذِنَ له، فكتب إليه كتابًا طويلًا يدعوه فيه إلى السمع والطاعة، ويوبِّخُه على ما يتعاطاه أصحابه من ترك الصَّلوات والزكوات، وارتكاب المنكرات، وإنكارهم على منْ يذكر الله ويسبِّحه ويحمَدُه، واستهزائهم بالدِّين، واسترقاقهم الحرائر، ثم توعَّده بالحَرْب وتهدَّده، فلما سار الكتاب نحوه قُتِلَ أبو سعيد قبل أن يصِلَه؛ قتله بعضُ خَدَمه، وعَهِدَ بالأمر من بعده لولده سعيد، فَغَلَبهُ على ذلك أخوه أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد (٧)، فلما قرؤوا كتابَ الوزير إليهم أجابوه بما حاصله: إن هذا الذي نُسِبَ إلينا مما ذكرتم لم يثبت عندكم إلا من طريق من يشنِّع علينا، وإذا كان الخليفة يَنْسُبنا إلى الكفر بالله، فكيف يدعونا إلى السَّمْع والطاعة له؟


(١) أحد الأمراء الحمدانيين الشجعان، وهو عم سيف الدولة، كان من أنصار ابن المعتز في فتنة خلع المقتدر، قتل سنة (٣٠٦ هـ)، وأخباره مبثوثة في كتب التاريخ، انظر الكامل لابن الأثير (٨/ ٩٢ - ٩٤).
(٢) ما بين حاصرتين من (ط).
(٣) في (ب) و (ط) عبد الله، وهو تصحيف، وأخباره في تحفة الوزراء (٢٦١ - ٢٨٠)، الفخري في الآداب السلطانية (١٩٦ - ١٩٧).
(٤) سترد ترجمته في وفيات سنة (٣٣٥ هـ) من هذا الجزء، وما بين حاصرتين من (ب) و (ط).
(٥) في (ط) بغلة، وهو تحريف.
(٦) محلة كانت في أعلى الجانب الشرقي من بغداد. معجم البلدان (٣/ ٣٦١).
(٧) سترد ترجمته في وفيات سنة (٣٣٢ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>