للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ وَهْبٍ: حدثني سعيد (١) بنُ أبي أيُّوبَ، قال: قال رَجُل منْ قريشٍ لابن شِهابٍ: هلْ في الجَنَّةِ سَمَاعٌ فإنهُ حُبِّبَ إليَّ السَّمَاعُ؟ فقال: إي وَالَّذِي نَفْسُ ابن شِهَاب بِيَدِهِ، إنَّ في الجَنَّةِ لَشَجرًا حَمْلُهُ اللُّؤلُؤ وَالزَّبَرْجدُ، تَحْتهُ جَوَارٍ ناهدات يُغنِّينَ بالْقُرْآنِ، وَيَقُلْنَ: نحنُ النَّاعِماتُ فلا نَبْأس، ونحنُ الخَالِدَاتُ فلا نمُوت، فإذا سَمِع ذلك الشَّجَرُ صَفَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فأجَبْنَ الْجَواري، فلا يُدْرى: أصْواتُ الجَواري أحْسنُ، أمْ أصْواتُ الشَّجَرِ؟ (٢).

قال ابنُ وَهْبٍ: وحدّثنا اللَّيْثُ [بن سعد]، عن خالدِ بن يزيدَ: أنَّ الحُور يُغَنِّينَ أزْوَاجَهُنْ، يَقُلْنَ: نحنُ الْخَيْراتُ الحِسَان، أزْوَاجُ شَبَابٍ كِرام، ونحنُ الخَالِدَاتُ فلا نموت، ونحنُ النَّاعِمَاتُ فلا نَبْأس، ونحنُ الرَّاضياتُ فلا نَسْخط، ونحنُ المُقيماتُ فلا نَظْعن، في صَدْر إحداهُنَّ مَكْتُوبٌ: أنْتَ حِبِّي، وأنا حِبُّكَ، انْتَهَتْ نَفْسي عِنْدَكَ، لَمْ تَرَ عَيْنايَ مِثْلَك (٣).

وقال ابنُ المُبَاركِ: حدّثنا الأوْزَاعيُّ، حدّثنا يَحْيى بنُ أبي كَثيرٍ: أنَّ الحُورَ العِينَ يَتَلَقَّيْنَ أزْوَاجَهُنّ عِنْدَ أبوَابِ الْجنّة، فيقُلْنَ: طَالَما انْتَظَرْناكم، نحنُ الرَّاضياتُ فلا نَسْخَط، وَالمُقيماتُ فلا نَظْعَن، والْخَالِداتُ فلا نموت، كأحسن أصوات سُمِعَتْ، وتَقُولُ: أنتَ حِبِّي وأنَا حِبُّكَ، لَيْسَ دُونكَ مَقْصِدٌ، ولا عنك معدِل، ولا وَرَاءَكَ مطلب (٤).

وهذه الآثار كلها رواها ابن أبي الدنيا وغيره، وفيها نظر.

وقال ابنُ أبي الدُّنيا: حدّثني إبراهيمُ بنُ سعيد (٥)، حدّثنا علي بن عاصم، حدّثني سعيد بن أبي سعيد الْحَارثيّ، قال: حُدِّثْتُ أنَّ في الجَنَّةِ آجامًا منْ قَصَبٍ منْ ذهَبٍ حَمْلُها اللُّؤلُؤُ، فإذا اشْتَهى أهلُ الجَنَّة أنْ يَسْمَعُوا صَوْتًا حَسنًا بَعَثَ اللهُ على تِلْك الآجَامِ رِيحًا فتَأْتِيهمْ بكُلِّ صَوْتٍ حَسَنٍ يَشْتَهُونَهُ. وقد تقدم هذا عن أبي سعيد الخدري، وهو وهم، والله أعلم.

[نوع آخر من السماع أعلى من الذي قبله]

ذكَرَ حمَّادُ بن سَلَمة، عن ثابتٍ البُنانيِّ، وحَجَّاجِ بن الأسْودِ، عن شَهْرِ بن حَوْشبٍ، قال: إنَّ اللهَ ﷿ يقولُ لملائكةِ يوم القيامة: إنَّ عِبادي كانوا يُحبُّونَ الصَّوْتَ الْحسنَ في الدنيا ويَدَعونَه منْ


(١) في الأصول: سعد، وهو خطأ.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (٢٦١).
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (٢٦٢).
(٤) رواه ابن المبارك في الزهد (٤٣٥ - زوائد نعيم).
(٥) في الأصول: إبراهيم بن سعد، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>