للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذي الحجَّة من هذه السنة قُتِلَ أبو الحسين البريدي، وصُلِبَ، ثم أحرف؛ وذلك لأنه قَدِمَ بغداد، يستنجد بتوزون وأبي حعفر بن شيرزاد على ابن أخيه، فوعده النَّصْر، ثم شرع يفسد ما بين توزون وابن شيرزاد، فعلم بذلك ابنُ شيرزاد، فأمر بسجنه وضربه، وأحضر له بعض الفقهاء فُتيا عليها خطوط الفقهاء بإباحة دمه، فاستظهر عليه بذلك، وأمر بقتله وصلبه، ثم أحرقه، وانقضت أيام البريديهين، وزالت دولتهم، لا جمع اللّه بهم شملًا.

وفي هذه السنة أخرج المستكفي بالله القاهر من دار الخلافة - الذي كان خليفة ثم سملت عيناه - وأنزله بدار ابن طاهر، وقد افتقر، ولم يبق له من اللِّباس سوى بطن جُبَّة (١) يلتفُّ بها، وفي رِجْله قبقابٌ من خشب. وفي هذه السنة ركب معزُّ الدولة في رجب منها إلى واسط ليحاصرها فبلغ خبره إلى توزون، فركب هو والمستكفي بالله، فلما سمع بهم معز الدولة رجع عنها إلى بلاده، وتسلمها الخليفة، وضمنها أبو القاسم بن أبي عبد الله، فضمَّنه توزون، ثم رجع هو والخليفة إلى بغداد في شوال من هذه السنة.

وفي هذه السنة ركب سيفُ الدولة عليُّ بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان إلى حلب، فتسلمها من يأنس المؤنسي، ثم سار إلى حمص ليأخذها، فجاءته جيوش الإخشيذ محمد بن طُغْج مع مولاه كافور، (فاقتتلوا، فانهزم كافور الإخشيذي، واستولى سيف الدولة على حمص، ثم ركب إلى دمشق فحاصرها فلم يفتحها أهلها له، فرجع عنها، وقصده الإخشيذ بجيوش كثيفة، فالتقيا) (٢) بقنَّسرين، فلم يظفر أحد منهما بالآخر، ورجع سيف الدولة إلى الجزيرة، ثم عاد إلى حلب، فاستقر ملكُه بها، فقصدته الروم في جحافل عظيمة، فالتقى (٣) معهم، فظفر بهم، فقتل منهم خلقًا كثيرًا.

[ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وثلاثمئة]

في المحرم منها زاد الخليفة في لقبه إمام الحق، وكتب ذلك على سكَّة المعاملة، وقاله الخطباء على المنابر أيام الجُمَع.

وفي المحرم من هذه السنة مات توزون التُّرْكي في داره ببغداد، وكانت إمارته سنتين وأربعة أشهر وعشرة أيام. وكان ابن شيرزاد كاتبه، وكان بهيت لتخليص المال، فلما بلغه الخبر أراد أن يعقد البيعة


(١) أي بطانة، وفي الكامل (٨/ ٤٤٢) بقطن جبة.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ط).
(٣) في النسخ الخطية: فالتقيا، والمثبت من (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>