للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها: قدم سلطان الدولة بغداد وضرب الطبل أوقات الصلوات، ولم تجر بذلك عادة، وعقد عقده على بنت قرواش على صداق مبلغه خمسون ألف دينار.

وقال أبو الفرج بن الجوزي، في كتابه "المنتظم" (١): أخبرنا سعد اللَّه بن علي البزّاز، أخبرنا أبو بكر الطُّرَيثيثي، أخبرنا هبة اللَّه بن الحسن الطبري قال: وفي سنة ثمان وأربع مئة، استتاب القادر باللَّه أمير المؤمنين فقهاء المعتزلة الحنفية، فأظهروا الرجوع، وتبرَّؤوا من الاعتزال والرفض، والمقالات المخالفة للإسلام، وأخذ خطوطهم بذلك، وأنَّهم متى خالفوه أحلَّ بهم من النكال والعقوبة ما يتَّعظ به أمثالهم، وامتثل يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سُبُكْتِكين أمر أمير المؤمنين، واستنّ بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها، في قتل المعتزلة، والرافضة، والإسماعيلية، والقرامطة، والجهميّة، والمشبّهة، وصلبهم، وحبسهم، ونفاهم، وأمر بلعنتهم على المنابر، وإبعاد كلّ طائفة من أهل البدع، وطردهم عن ديارهم، وصار ذلك سُنّة في الإسلام.

ولم يحجّ في هذه السنة أحدٌ من أهل العراق لفساد البلاد، وعبث الأعراب، وضعف الدولة عنهم.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

الحاجب الكبير شباشي (٢) أبو نصر، مولى شرف الدولة، ولقّبه بهاء الدولة: بالسعيد، وكان كثير الصدقات، والأوقاف على وجوه القربات، فمن ذلك أنه وقف دباها (٣) على المارستان، وكانت تغلّ شيئًا كثيرًا من الزروع والثمار والخراج، وبنى قنطرة الخندق [والمارستان] والياسريّة (٤) وغير ذلك، ولما مات دفن بمقبرة الإمام أحمد، وأوصى أن لا يُبنى على قبره، فخالفوه فعقدوا على قبره قبَّة فسقطت، وبعد موته بنحو من سبعين سنة، اجتمع نسوة عند قبره ينحن ويبكين فلما رجعن رأت عجوز منهن [كانت] هي المقدمة في تلك النياحة في المنام، كأن تركيًا خرج إليها من قبره، ومعه دبوس فحمل عليها وزجرها، فإذا هو الحاجب السعيد فانتبهت مذعورة.

[ثم دخلت سنة تسع وأربعمئة]

في يوم الخميس السابع عشر من المحرم قرئ كتاب في مذاهب أهل السنة بدار الخلافة في الموكب، وفيه: أنَّ من قال: القرآن مخلوق فهو كافر، حلال الدَّم.


(١) المنتظم (٧/ ٢٨٧).
(٢) المنتظم (٧/ ٢٨٧)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣٠٤).
(٣) قرية من نواحي بغداد. معجم البلدان (٢/ ٦٤).
(٤) قرية كبيرة على ضفة نهر عيسى، بينها وبين بغداد ميلان. معجم البلدان (٥/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>