للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقعة قَيْساريَّة (١)

قال ابن جرير (٢): وفي هذه السنة أمَّر عمر معاويةَ بن أبي سفيان على قَيْساريَّة وكتب إليه: أما بعدُ فقد ولَّيْتُكَ قَيْسَارِيَّة فسرْ إليها واستَنْصرِ اللّهَ عليهم، وأكْثِرْ منْ قولِ لا حولَ ولا قوة إلا باللّه العليِّ العظيمِ، اللّهُ ربّنا وثقَتنا ورجاؤُنا ومولانا فنعمَ المولى ونعم النَّصير. فسار إليها فحاصرها، وزاحَفَه أهلُها مراتٍ عديدةً، وكان (آخرها) وقعةً أن قاتلوا قتالًا عظيمًا، وصمَّمَ عليهم معاوية، واجتهدَ في القتالِ حتّى فتحَ اللّهُ عليه فما انفصل الحال (٣) حتى قتلَ منهم نحوًا من ثمانين ألفًا، وكمَّلَ المئة الألف من الذين انهزموا عن المعركة، وبعثَ بالفتح والأخماسِ إلى أمير المؤمنين عمر .

قال ابن جرير (٤): وفيها كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص بالمسير إلى إيلياء، ومناجزة صاحبها، فاجتاز في طريقه عند الرملة بطائفة من الروم فكانت (٥):

وقعة أجْنادين (٦)

وذلك أنه (٧) سار بجيشه وعلى ميمنته ابنُه عبدُ الله بن عمرو، وعلى مَيْسرته جُنادةُ بن تَميم المالكي، من بني مالك بن كنانة، ومعه شُرَحبيلُ بن حَسَنة، واستخلفَ على الأردن أبا الأعور السُّلمي، فلما وصلَ إلى الرَّملة وجدَ عندها جَمْعًا من الرُّوم عليهم الأرْطبون، وكان أدْهى الرُّوم وأبعدها غَوْرًا، وأنكاها فِعْلًا، وقد كان وضعَ بالرملةِ جُنْدًا عظيمًا وبإيلياء جُنْدًا عظيمًا، فكتب عمرو إلى عمر بالخبر. فلما جاءهُ كتابُ عمرو قال: قد رَمَيْنا أرْطَبونَ الرُّومِ بأرْطبون العَرَبِ، فانظروا عما تنفرج (٨). وبعثَ عمرُو بن العاص علقمةَ بن حكيم الفراسيّ، ومسروق (٩) بن بلال العكّي على قتالِ أهلِ إيلياء. وأبا أيوبّ المالكي إلى الرملةِ، وعليها التَّذارق، فكانوا بإزائهم ليشغلوهم عن عمرو بن العاص وجيشه، وجعل عمرو كلما قدم عليه إمداد من جهة عمر يبعث منهم طائفةً إلى هؤلاء وطائفة إلى هؤلاء. وأقام عمرو على أجنادين


(١) قيسارية: بلد على ساحل بحر الشام تُعد في أعمال فلسطين بينها وبين طبرية ثلاثة أيام. معجم البلدان (٤/ ٤٢١).
(٢) في تاريخه (٣/ ٦٠٣) والخبر أيضًا في الكامل لابن الأثير (٢/ ٤٩٧).
(٣) في أ: انفصل منهم.
(٤) في تاريخه (٣/ ٦٠٥) والخبر أيضًا في الكامل لابن الأثير (٢/ ٤٩٨).
(٥) في أ: وكانت.
(٦) أجنادين: موضع معروف بالشام من نواحي فلسطين، كانت به وقعة مشهورة بين المسلمين والروم. معجم البلدان (١/ ١٠٣).
(٧) في أ: وذلك أنه لما سار.
(٨) في تاريخ الطبري (٣/ ٦٠٥) تتفرّج.
(٩) في أ: الفارسي ومروان بن بلال العلي. وفي تاريخ الطبري (٣/ ٦٠٥) والكامل لابن الأثير (٢/ ٤٩٨) ومسروق ابن فلان العكّي.