للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدِ وَليِّ اللّهِ، فيقُولُ أحدها: يا وَليَّ اللّهِ رَعَيْتُ في مُرُوج تَحْتَ الْعَرْشِ، وَشَرِبْتُ منْ عُيُونِ التسنيم، فَكُلْ منِّي، فلا يزَالُ يَفْتَخرُ بَيْنَ يَدَيْهِ حتَّى يَخْطِرَ على قَلبهِ أكْلُ أحدها، فَتَخِرُّ بَينَ يَدَيْهِ، على ألْوانٍ مُخْتلفةٍ، فيَأكُلُ مِنْها ما أرَادَ، فإذا شَبعَ منها، تجتمع عِظامُ ذلك الطَّائرِ الذي أكله، ثم يطير يَرْعَى في الجنَّةِ حَيْثُ شَاء" فقالَ عُمرُ: يا نَبيَّ اللَهِ، إنّها لَنَاعِمَةٌ، فقالَ: " آكلها أنْعَمُ منْها ". غريبٌ من روايةِ أبي الدَّرْدَاء ، واللّه أعلم.

ذِكر طعام أهل الجنة، وأكلهم فيها وشربهم نسأل الله من فضله

قال تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤]، وقال تعالى: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ٦٢] وقال تعالى: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾ [الرعد: ٣٥] وقال تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [الواقعة: ٢٠ - ٢١] وقال تعالى: ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ (١) الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزخرف: ٧١] وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ [الإنسان: ٥ - ٦] وقال تعالى: ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ [الإنسان: ١٥ - ١٦] أيْ هي في صَفاء الزُّجَاج، وهيَ منَ فِضَّةٍ، وهذا ما لا نَظيرَ لهُ في الدُّنيا، وهيَ مُقدَّرة على قَدْرِ كفَايةِ وليِّ اللّهِ [في مَشرَبهِ]، لا تزيد ولا تنقُصُ، وهَذا يَدُلُّ على الاعِتناء والشَّرَفِ، وقال تعالى: ﴿كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٥] أي كُلَّما جاءَهمُ الخدَمُ بِشَيْءٍ من ثمر الجنة وغَيْره ظَنُوهُ الَّذي أُتُوا بهِ قبْل ذلك، لمشَابَهَتِهِ لهُ في الظَّاهرِ، وهو في الْحقيقةِ خِلافُه، فتشابهت الأشْكالُ، واخْتَلفتِ الْحَقائقُ، والطُعُوم والرَّوائحُ.

قال الإمامُ أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدَّثنا سُكْينُ (٢) بنُ عبد العزيز، حدَّثنا الأشعَثُ الضريرُ، عَنْ شَهْر بنِ حَوْشَب، عنْ أبي هريرِة قالَ: قالَ رسولُ الله : "إنَّ أدْنَى أهْل الجنَّةِ مَنْزلةً، إنَّ لهُ لَسَبْعَ دَرَجات وهُوَ على السَّادسَة، وفوْقَه السَّابعَةُ، وإنَّ لهُ لثَلثمئةِ خادمٍ، ويُغدَى عَلَيْهِ ويُراحُ كل يَوْم بثَلثمئةِ صَحْفَةٍ " ولا أعلمهُ إلَّا قال: " منْ ذهَب، في كلِّ صَحْفةٍ لَوْنٌ ليس في الأُخْرَى، وإنَّه لَيَلذُّ أوَّلَهُ كما يلذُّ آخرَهُ، ومن الأشربة ثلاثمئة إناء، في كل إناءٍ لون ليس في الآخَر، وإنَّه ليذ أوله كما [يلذُّ] آخره،


(١) كذا قرأها ما سوى نافع وابن عامر وحفص وأبو جعفر.
(٢) في (آ): مسكين، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>