للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها عاثَ حمزةُ الشاري ببلادِ باذَغِيس (١) من خُراسان. فنهض عيسى بنُ علي بن عيسى إلى عشرةِ آلافٍ من جيشٍ حمزةَ فقتلهم، وسار وراء حمزة إلى كابُل وزابُلِسْتان (٢).

وفيها خرج أبو الخَصيب، فتغلَّبَ على أبيوَرْدَ، وطُوس، ونَيْسابور؛ وحاصر مَرْو؛ وقَوي أمرُه.

وفيها توفي يزيد بن مَزْيَد بِبَرْذَعَة (٣) فولَّى الرشيدُ مكانهُ ابنهُ أسدَ بن يزيد. واستأذن الوزير يحيى بنُ خالد الرشيدَ في أن يعتمرَ في رمضان، فأذنَ له؛ ثم رابَطَ بجُنده إلى وقتِ الحجّ. وكان أمير الحج في هذه السنة منصور بن محمد بن عبد اللَّه بن علي بن عبد اللَّه بن عباس.

[وفيها توفي]

عبدُ الصَّمَد بنُ علي (٤) بنِ عبد اللَّه بنِ عباس بن عبد المطَّلبِ الهاشمي، عَمُّ السفاحِ والمنصور. وُلد سنة أربع ومئة؛ وكان ضخمَ الخَلْق جدًّا، ولم يُبَدِّلْ أسنانَه، وكانتْ أصولُها صفيحةً واحدة. قال يومًا للرشيد: يا أمير المؤمنين، هذا المجلسُ اجتمع فيه عمُّ أميرِ المؤمنين، وعمُّ عَمَّه وعَمُّ عَمّ عمَّه؛ وذلك أنَّ سليمانَ بنِ أبي جعفر عمُّ الرشيد، والعباسَ بنَ محمد بن علي عمُّ سليمان، وعبدَ الصمدِ بنَ علي عَمُّ السفاح. وتلخيصُ ذلك أنَّ عبدَ الصمد عَمُّ عمِّ عمِّ الرشيد، لأنه عمُّ جدِّه.

روى عبدُ الصمد عن أبيه، عن جدِّه عبدِ اللَّه بن عباس، عن النبيِّ قال: "إنَّ البِرَّ والصِّلَةَ لَيُطيلانِ الأعمار، ويُعْمِرَانِ الدِّيار، ويُثْريانِ الأموال. ولو كان القومُ فُجَّارًا" (٥).


(١) "باذَغيس" -بفتح الذال وكسر الغين المعجمة وياء ساكنة وسين مهملة-: ناحيةٌ تشتملُ على قرى من أعمالِ هَرَاة ومَرْو الرُّوذ، يكثر فيها شجر الفستق. وقيل: إنها كانت دارُ مملكة الهياطلة. وقيل أصلها بالفارسية باذخير، معناه قيام الريح أو هبوب الريح لكثرة الرياح بها. معجم البلدان (١/ ٣١٨).
(٢) "زابُلِسْتان" -بعد الألف باء موحدة مضمومة، ولام مكسورة وسين مهملة ساكنة وتاء مثناة من فوق وآخره نون-: كورةٌ واسعةٌ قائمةٌ برأسها جنوبن بَلْخ وطُخَارستان وهي زابُل، والعجَم يزيدون السين وما بعدها في أسماء البلدان شبيها بالنسبة، وهي منسوبة إلى زابُل جد رُستم بن دستان؛ وهي البلادُ التي قصَبتُها غُزْنة البلد المعروف العظيم. معجم البلدان (٣/ ١٢٥).
(٣) "برذعة" -وقد رواه أبو سعد بالدال المهملة، والعين مهملة عند الجميع-: بلد في أقصى أذْرَبيجَان. وقال هلال بن المحسن: برذعة قصبة أذربيجان. وذكر ابنُ الفقيه أن برذعة هي مدينة أران وهي آخرُ حدودِ أذْرَبيجان. وهي نزهةٌ خِصْبةٌ كثيرةُ الزرع والثمار جدًّا، وليس ما بين العراق وخراسان بعد الرّي وأصبهان مدينةٌ أكبرَ ولا أخصبَ ولا أحسنَ موضعًا من مرافق برذعة معجم البلدان (١/ ٣٧٩).
(٤) ترجمته في مولد العلماء ووفياتهم (٤١٩)، تاريخ بغداد (١١/ ٣٧)، وفيات الأعيان (٣/ ١٩٥)، سير أعلام النبلاء (٩/ ١٢٩)، العبر (١/ ٢٩٠)، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة (٢/ ١٧٨).
(٥) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (١/ ٣٨٦)؛ وذكره العجلوني في كشف الخفا (١/ ٣٣٤) برقم (٨٩٠) بلفظ: =

<<  <  ج: ص:  >  >>