للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامًا ينتفعون به، ونظرًا يَرْحَمُهم به، كما أنهم عن رَبَّهم يَومئذٍ لَمَحْجُوبُونَ، لقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ (١) جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٢٨]. [وقال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٣٨ - ٤٠]. وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [المجادلة: ١٨]. وقال تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [القصص: ٦٣ - ٦٦] وقال: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [القصص: ٧٤ - ٧٥]]، والآيات في هذا كثيرة جدًّا.

وثبت في "الصحيحين" [كما سيأتي] من حديث [خَيثمة، عن] عَدِيِّ بن حاتم؛ أن رسولَ اللَّه قال: "ما منكم من أحد إلّا سَيُكلِّمُهُ رَبُّه لَيْسَ بينه وبينَه تَرْجُمان" (٢)، "فيَلْقَى الرَّجُلَ فيقول: ألَمْ أُكْرِمْك؟ ألم أزوِّجْكَ، ألم أسَخِّر لكَ الخَيْلَ والإبل، وأذَرْكَ تَرأسُ وَتَربعُ؟ فيقول: بلَى، فيقول: أظننْتَ أنّكَ مُلاقيَّ؟ فيقول: لا، فيقول: الْيَوم أنساكَ كما نسيتني" (٣)، فهذا فيه التصريح العظيم في تكليم اللَّه تعالى، ومخاطبته لعَبْده الكافر.

وأما العُصاةُ، ففي حديث ابن عمر [الذي في "الصحيحين"] حديث النجوى كما سيأتي عن رسول اللَّه قال: "يُدْني اللَّهُ العَبْد يوم القيامة حتّى يَضع عليهِ كَنَفهُ، ثم يُقرِّرُه بذُنُوبه، فيقول: عَمِلْتَ في يوم كذا كذا وكذا [وفي يوم كذا كذا وكذا]، فيقول: نعم، يا ربّ، حتى إذا ظَنَّ أنّه قد هلك، قال اللَّه تعالى: إني قد سَتَرْتُها عَلَيْكَ في الدُّنْيا، وأنا أغْفرُها لَكَ اليوم" (٤).

فصل في إبراز النِّيران، [والجنَان]، ونصب الميزان، ومحاسبة الدَّيَّان

قال اللَّه : ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾ [الشعراء: ٩٠ - ٩١]. وقال:


(١) هي قراءة ما سوى حفص عن عاصم، وروح عن يعقوب.
(٢) رواه مسلم رقم (٢٩٦٨) من حديث أبي هريرة.
(٣) رواه البخاري (٦٥٣٩) ومسلم (١٠١٦) (٦٧).
(٤) رواه البخاري رقم (٢٤٤١) ومسلم رقم (٢٧٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>