قال أهلُ العلم: كان آخرَ ما تكلَّمَ به السفَّاح: الملكُ لله الحَيِّ القَيُّوم، ملكِ الملوك، وجبَّارِ الجبابرة، وكان نقشُ خاتَمهِ: اللَّه ثقةُ عبد اللَّه. وكان موتُهُ بالجُدَرِيّ، في يوم الأحد الثالث عشر من ذي الحِجَّة سنةَ ستٍّ وثلاثين ومئة بالأنبارِ العَتيقة، عن ثلاثٍ وثلاثينَ سنة، وكانتْ خلافتُهُ أربعَ سنين وتسعةَ أشهر على أشهر الأقوال، وصلَّى عليه عمُّه عيسى بن علي. ودُفن في قصرِ الإمارةِ من الأنبار، وتَرَك تسع جِباب، وأربعةَ أقمصة، وخمسَ سراويلات، وأربعة طيالِسَة، وثلاثةَ مَطَارِفِ خَزٍّ، وقد ترجَمَهُ ابنُ عساكر فذكر بعضَ ما أورَدْنا (١) والله أعلم.
وممن تُوفي فيها من الأعيان:
السفَّاح كما تقدَّم،
وأشعَثُ بن سَوَّار،
وجعفر بنُ أبي ربيعة
وحُصين بن عبد الرحمن،
ورَبيعة الرأي،
وزيد بن أسلم،
وعبد الملك بن عُمير،
وعبد اللَّه بن أبي جعفر،
وعطاء بن السائب، وقد ذكرنا تراجمهم في "التكميل" وللّه الحمد.
[خلافة أبي جعفر المنصور]
واسمه عبد اللَّه بن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس، قد تقدَّمَ أنَّهُ لَمَّا مات السفَّاح كان في الحجاز، فبلَغَهُ موتُه وهو بذاتِ عِرْق راجعًا من الحَجّ، وكان معه أبو مسلم الخُرَاساني فعجَّل السَّير، وعزَّاهُ أبو مسلم في أخيه، فبَكَى المنصور عندَ ذلك، فقال له: أتبكي وقد جاءَتْك الخلافة، أنا أكفيكَها إنْ شاء اللَّه، فسُرِّيَ عنه. وأمر زيادَ بنَ عُبيد اللَّه أنْ يرجعَ إلى مكَّة واليًا عليها، وكان السفَّاحُ قد عزلَهُ عنها بالعباس بن عبد اللَّه بن معبد بن عباس، فأقَرَّهُ عليها. والنُوَّابُ على أعمالِهم حتَّى انسلخَتْ هذه السنة. وقد كان عبدُ الله بن علي قَدِم على ابن أخيه السَّفَّاح الأنبارَ فأمَّرَهُ على الصائفة، فركب في جيوشٍ عظيمةٍ