للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضى أكثرُ العُمْرِ الذي كانَ نافعًا … رويدكَ فاعملْ صالحًا في الذي بقي

[ثم دخلت سنة ست عشرة وستمئة]

فيها أمر الشيخ محيي الدين بن الجوزي محتسب بغداد بإِزالة المنكر، وكسر الملاهي عكس ما أمر به المعظم، وكان أمره في ذلك في أول هذه السنة (١) وللّه الحمد والمنة.

جنكيز خان [وعبور التتار] (٢) نهر جيحون.

وفيها عبرت التتار نهر جيحون صحبة ملكهم جنكيز خان من بلادهم، وكانوا يسكنون جبال طمغاج من أرض الصين ولغتهم مخالفة للغة سائر التتار، وهم من أشجعهم وأصبرهم على القتال، وسبب دخولهم نهر [جيحون] (٣) أن جنكيز خان بعث تجارًا له ومعهم أموال كثيرة إِلى بلاد خوارزم شاه يتبضَّعون (٤) ثيابًا للكسوة، فكتب نائبها إِلى خوارزم (٥) شاه يذكر له ما معهم من كثرة الأموال، فأرسل إِليه بأن يقتلهم ويأخذ (٦) ما معهم، ففعل ذلك، فلما بلغ جنكيز خان خبرهم أرسل يتهدد خوارزم شاه، ولم يكن ما فعله خوارزم شاه فعلًا جيدًا، فلما تهدده أشار (٧) من أشار على خوارزم شاه بالمسير إِليهم، فسار إِليهم [فأقبل] وهم في شغل شاغل بقتال كشلي خان، فنهب خوارزم شاه أموالهم وسبى ذراريهم وأطفالَهم، فأقبلوا إِليه محروبين، فاقتتلوا معه أربعةَ أيام قتالًا لم يُسمع بمثله، أولئك يقاتلون عن حريمهم والمسلمون عن أنفسهم، يعلمون أنهم متى وَلَّوا استأصلوهم، فقُتل من الفريقين خلقٌ كثيرٌ، حتى إِن الخيول كانت تزلق في الدماء، وكان جملة من قتل من المسلمين نحوًا من عشرين ألفًا، ومن التتار أضعاف ذلك، ثم تحاجز الفريقان وولَّى كل منهم إِلى بلاده ولجأ خوارزم شاه وأصحابه إِلى بخارى وسمرقند، فحصَّنَها وبالغ في كثرة مَنْ تركَ فيها من المقاتلة، ورجع [خوارزم شاه] إِلى بلاده (٨) ليجهز الجيوش الكثيرة، فقصدتِ التتارُ بخارى وبها عشرون ألف مقاتل، فحاصرها جنكيز خان ثلاثة أيام، فطلب منه أهلها الأمان، فأمَّنهم ودخلها فأحسنَ السيرةَ فيهم مكرًا وخديعة، وامتنعت عليه القلعةُ


(١) أ، ب: بإزالة المنكرات وكسر الملاهي ففعل ذلك في مستهل هذه السنة.
(٢) أ، ب: وعبورهم.
(٣) عن ط وحدها.
(٤) ط: يبتضعون.
(٥) أ، ب: السلطان خوارزم شاه.
(٦) أ: فأرسل بقتلهم وبأخذ. وفي ب: فأرسل إِليه بقتلهم ويأخذ.
(٧) أ، ب: ففعل ذلك فغضب عند ذلك جنكز خان وأرسل يتهدد خوارزم شاه فأشار.
(٨) عن ط وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>