للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسروق بن أبرهة، وهو آخر ملوكهم. وهو الذي انتزع سيف بن ذي يَزَن الحِميري المُلْكَ مِن يده بالجيش الذين قَدِم بهم من عند كسرى أنوشروان، كما سيأتي بيانهُ.

وكانت قِصّة الفيل في المحرم سنة ست وثمانين وثمانمئة من تاريخ (١) ذي القرنين، وهو الثاني إسكندر بن فلبس المقدوني الذي يُؤرِّخ له الروم، ولما هَلَك أبرهة وابناه، وباد (٢) مُلك الحبشةِ عن اليمن، هُجِر القُلَّيْس الذي كان بناه أبرهة وأراد صرف حج العرب إليه لجهلهَ (٣) وقِلّة عقله. وأصبح يبابًا لا أنيس به. وكان قد بناه على صَنمين (٤)، وهما كُعيب وامرأته، وكانا من خَشَب طول كل منهما ستون ذراعًا في السماء، وكانا مصحوبين من الجان، ولهذا كان لا يتعرَّض أحدٌ إلى أخذ شيءٍ من بناء القُلّيس وأمتعته إلا أصابوه بسوءٍ. فلم يزل كذلك إلى أيام السفّاح أول خلفاء بني العباس، فذُكر له أمره وما فيه من الأمتعة والرُّخام الذي كان أبرهة نقله إليه من صرح بلقيس الذي كان باليمن، فبعث إليه من خربه حَجَرًا حجرًا، وأخذ جميع ما فيه من الأمتعة والحواصل. هكذا ذكره السهيلى (٥). والله أعلم.

* * *

ذكر خروج المُلك عَن الحبشة وَرجوعه إلى سيف بن ذي يَزَن الحِمْيَري كما أخبر بذلك الكاهنان لربيعة بن نصر اللخمي (٦)

قال محمد إسحاق (٧) : فلما هلك أبرهةُ مَلَكَ الحبشةَ يكسومُ بن أبرهة، وبه كان يكنى، فلما هلك يَكسومُ مَلَكَ اليمنَ في الحبشة (٨) أخوه مسروقُ بن أبرهة.

قال: فلما طال البلاءُ على أهل اليمن، خرج سيفُ بن ذي يزن الحميري (٩)، وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجج، وهو حمير سبأ - وكان سيف يكنى


(١) زيادة من ط.
(٢) في ط: وزال.
(٣) في ب: بجهله، وسقطت أيضًا كلمة: وأصبح. من ب.
(٤) في ب: على اسم صنمين.
(٥) الروض الأنف (١/ ٦٣).
(٦) ورد العنوان في ط. مختصرًا خروج الملك عن الحبشة ورجوعه إلى سيف بن ذي يزن.
(٧) السيرة (١/ ٦١) وما بعدها.
(٨) في ب: ملك الحبشة أخوه. وفي ط: من الحبشة.
(٩) في السطرين القادمين تقديم وتأخير في ب.