للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر الإشارة النبويَّة إلى دولة عمرَ بن عبد العزيز تاجِ بني أميَّة

قد تقدَّم حديث أبي إدريس الخَوْلاني، عن حذيفة، قال: سألتُ رسولَ الله هل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم" قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دَخَنٌ" قلتُ: وما دخنُه؟ قال: "قومٌ يَستنُّون بغير سُنَّتي، ويهدونَ بغير هَديي، يُعرف منهم ويُنكر" (١) … الحديث. فحملَ البيهقيُّ وغيرُه هذا الخبر الثاني على أيَّام عمرَ بن عبد العزيز.

وروى: عن الحاكم، عن الأصمِّ، عن العبَّاس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه، قال: سُئل الأوزاعيُّ عن تفسير حديث حُذيفة حين سألَ رسولَ الله عن الشرِّ الذي يكون بعد ذلك الخير، فقال الأوزاعيُّ: هي الرِّدَّةُ التي كانت بعد وفاة رسول الله ، وفي مسألة حُذيفة: فهل بعد ذلك الشرِّ من خير؟ قال: نعم، وفيه دَخَنٌ، قال الأوزاعي: فالخيرُ الجماعة، وفي ولاتهم من يعرفُ سيرتَه، وفيهم من يُنكرُ سيرتَه، قال: فلم يأذن رسولُ الله في قِتالهم ما صَلُّوا الصَّلاة (٢).

وروى أبو داود الطيالسي: عن داود الواسطي - وكان ثقةً - عن حبيب بن سالم، عن نُعمان بن بشير بن سعد، عن حُذيفةَ، قال: قال رسول الله : "إنكم في النبوة ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكونُ خلافةٌ على منهاج النبوة تكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء، ثم تكون جبرية ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، قال: فقدمَ عمرُ بن عبد العزيز ومعه يزيدُ بن النُّعمان، فكتبتُ إليه أُذَكِّرُه الحديثَ، وكتبتُه إليه، أقول: إني أرجو أن تكونَ أميرَ المؤمنين بعد الجبرية، قال: فأخذ يزيدُ الكتابَ فأدخلَه على عمر، فسُرَّ به وأعجبَه (٣).

وقال نعيمُ بن حمَّاد: حدَّثنا رَوْحُ بن عُبادة، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، قال: قال عمرُ بن عبد العزيز: رأيتُ رسولَ الله وعندَه عمرُ وعثمان وعليّ، فقال لي: "ادنُ" فدنوتُ حتى قمتُ بين يديْه، فرفعَ بصرَه إليَّ، وقال: "أَما إنَّكَ سَتَلِي أمرَ هذه الأمَّة وستعدلُ عليهم" (٤).

وسيأتي في الحديث الآخر إن شاءَ الله: "إنَّ الله يبعثُ لهذه الأُمَّة على رأسِ كلِّ مئةِ سنةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لها


(١) أي: البيهقي.
(٢) رواه البيهقي في الدلائل (٦/ ٤٩١).
(٣) رواه أبو داود الطيالسي رقم (٤٣٨) وإسناده حسن.
(٤) رواه أبو نعيم في الفتن صفحة (٢٩١) وهو ضعيف.