للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحيري الراهب (١)

الذي توسَّم في رسول الله النبوةَ وهو مع عمه أبي طالب حين قدم الشام في تجّار من أهل مكة، وعمره إذ ذاك اثنتا عشرة (٢) سنة، فرأى الغمامةَ تُظِلّه من بينهم. فصنع لهم طعامًا ضيافة، واستدعاهم، كما سيأتي بيان ذلك في السيرة (٣). وقد روى الترمذي في ذلك حديثًا بسطنا الكلام عليه هنالك.

وقد أورد له الحافظ ابن عساكر (٤) شواهد وسائغات في ترجمة بَحيرى، ولم يُورد ما رواه الترمذي، وهذا عَجَبٌ.

وذكر ابنُ عساكر أن بحيرى كان يسكن قرية يقال لها: الكفر، بينها وبين بصرى ستة أميال، وهي التي يقال لها: (دير بحيرى). قال: ويقال: إنه كان يسكن قرية يقال لها: منفعة بالبلقاء وراء زيزاء (٥). والله أعلم.


= وأما عمارة المسجد الحرام، فإنها والسقاية كانت إلى العباس بن عبد المطلب، فأما السقاية فإنها معروفة، وأما العمارة فإنهم لا يدع أحدًا في المسجد الحرام، ولا يقول: يحملهم على عمارته بالخير، لا يستطيعون لذلك امتناعًا، لأنه قد اجتمع ملأ قريش على ذلك، فهم له أعوان. وكانت العُقاب عند أبي سفيان، وإنه الرئيس، وكانت العقاب إذا كانت عند رجل أخرجها إذا حمشت الحرب، فإن أجمعت قريش على أحد أعطوها إياه، وإن لم يجمعوا على أحد فأمروا صاحبها. وكانت الرفادة إلى الحارث بن عامر بن نوفل، والرفادة: ما كانت قريش تخرج من أموالها في زمن ينقطع الحاج. وكانت المشورة إلى يزيد بن ربيعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، وقتل يوم الطائف مع رسول الله ، والمشورة: أن قريشًا لم يجتمعوا على أمر إلا عرضوه عليه، فإن وافق رأيهم رأيه سكت، وإن سعت فيه فكانوا له جوّابًا حتى يرجعوا عنه. وكانت سدانة البيت واللواء إلى عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى. والسدانة: الخزانة مع الحجابة. وكانت الأشياق: إلى أبي بكر الصديق، يحمل الديات، كان إذا حمل شيئًا فسأل فيه قريشًا صدقوه وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه، وإن قام به غيره خذلوه ولم يصدقوه. وكانت القبة والأعنَّة إلى خالد بن الوليد. فأما الأعنَّة: فإنه أن يكون على خيول قريش في الجاهلية. وأما القبة: فإنهم كانوا يضربونها، يجمعون إليها ما يجيرون له عيش. وكانت السفارة إلى عمر بن الخطاب، إن وقعت الحرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرًا، وإن نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوه مسافرًا ومفاخرًا ورضوا به. وكانت الحكومة والنوال المحجرة إلى الحارث بن قيس بن عباد، والأموال التي سمّوا لآلهتهم. وكانت الأسمار إلى صفوان بن أمية، والأنصاب والأزلام، فكان لا يشق بأمر عام حتى يكون هو الذي يسره على يديه به".
(١) خبر بحيرا الراهب هنا سقط من نسخة ب.
(٢) في الأصل: اثني عشرة، وهو خطأ.
(٣) في أوائل الجزء الثالث من هذا الكتاب.
(٤) مختصر تاريخ دمشق (٢/ ٦) وما بعدها. وأورد له ترجمة في (٥/ ١٥٤ - ١٥٥).
(٥) مختصر تاريخ دمشق (٥/ ١٥٤). وقوله: دير بحيرى. لعله أراد دير بصرى، فقد ذكر ياقوت أن بحيرى كان به. =