للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (١): قلت لمحمد بن عُبيد الطنافسي (٢): ما تقولُ فيمن يقولُ: رجعت الشمس على عليّ بن أبي طالب حتى صلَّى العصرَ؟ فقال: مَن قال هذا فقد كذَب. وقال إبراهيم بن يعقوب: سألت يَعلى بن عُبيد الطنافسي (٣)، قلت: إن ناسًا عندنا يقولون: إن عليًا وصيُّ رسول اللّه ورجعت عليه الشَّمسُ، فقال: كذبٌ هذا كلُّه.

[فصل في إيراد هذا الحديث من أماكن متفرقة]

وقد جمعَ أبو القاسم عُبيد اللّه بن عبد اللّه بن أحمد الحَسَكاني جزءًا، وسمَّاه "مسألة في تَصحيح ردّ الشَّمس وترغيم النواصِب الشُّمسِ".

وقال: قد رُوي ذلك من طريق أسماءِ بنت عُميس، وعليّ بن أبي طالب، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري.

ثم رواه من طريق أحمد بن صالح المصري، وأحمد بن الوليد الأنطاكي، والحسن بن داود، ثلاثتُهم عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك -وهو ثقة- أخبرني محمد بن موسى الفطري المدني، وهو ثقة أيضًا، عن عون بن محمد، قال: وهو ابن محمد ابن الحنفية، عن أمِّه أمّ جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن جدتها أسماء بنت عُمَيس: أن رسولَ اللّه صلَّى الظهرَ بالصهباء من أرضِ خَيبر، ثم أرسل عليًّا في حاجةٍ، فجاء وقد صلَّى رسولُ اللّه العصرَ، فوضعَ رأسَه في حِجر عليّ، ولم يحرّكه حتى غَرُبت الشمسُ، فقال رسول اللّه : "اللهم إن عبدَك عليًّا احتبسَ نفسه على نبيّه فرُدَّ عليه شرقَها" قالت أسماء: فطلعتِ الشمسُ حتى رفعت على الجبال، فقام عليٌّ فتوضأ وصلَّى العصر، ثم غابت الشمسُ.

وهذا الإسناد فيه من يُجهل حالُه؛ فإن عَونًا هذا وأمه لا يُعرف أمرُهما بعدالة وضبط يُقبل بسببهما خبرُهما فيما هو دون هذا المقام، فكيف يثبتُ بخبرهما هذا الأمر العظيم، الذي لم يروه أحدٌ من أصحاب الصحاح ولا السنن ولا المسانيد المشهورة؟ فاللّه أعلم. ولا ندري أسمعتْ أمُّ هذا من جَدتها أسماء بنت عُميس أم لا؟.


(١) إبراهيم بن يعقوب السعدي الجُوزجاني، أبو إسحاق الحافظ، نزيل دمشق، روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي، توفي سنة ٢٥٦ هـ، خَفَضه ابن عدي من جهة النَّصب. ترجمته في توضيح المشتبه (٥/ ٩٧).
(٢) محمد بن عبيد الطنافسي، حافظ ثقة من أهل الحديث توفي سنة ٢٠٤ ترجمته في سير أعلام النبلاء (٩/ ٤٣٦).
(٣) يعلى بن عبيد الطنافسي أخو محمد بن عبيد، حافظ ثقة إمام، توفي سنة ٢٠٩. ترجمته في سير أعلام النبلاء (٩/ ٤٧٦).