للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء الخامس والعشرين من المحرم توفي صاحبنا الشيخ الإمام العالم العابد الزاهد الناسك الخاشع نور الدين (١) محمد بن (٢) محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائع الشافعي، مدرِّس العمادية، كان لديه فضائل كثيرة على طريقة السلف الصالح، وفيه عبادة كثيرة وتلاوة وقيام ليل وسكون حسن، وخلق حسن، جاوز الأربعين بنحو من ثلاث سنين، وأكرم مثواه.

وفي يوم الأربعاء ثالث صفر باشر تقي الدين بن رافع (٣) المحدِّث مشيخة دار الحديث النورية، وحضر عنده جماعة من الفضلاء والقضاة والأعيان، انتهى واللَّه تعالى أعلم.

مسك نائب السلطنة أَرْغُون شاه

وفي ليلة الخميس الثالث والعشرين من ربيع الأول مُسك نائب السلطنة بدمشق الأمير سيف الدين أَرْغُون شاه، وكان قد انتقل إلى القصر الأبلق بأهله، فما شعر بوسط الليل إلا ونائب طرابُلُس الأمير سيف الدين أُلْجي بُغَا المظفَّري الناصري، ركب إليه في طائفة من الأمراء الألوف وغيرهم، فأحاطوا به ودخل عليه من دخل وهو مع جواريه نائم، فخرج إليهم فقبضوا عليه وقيَّدوه ورسموا عليه، وأصبح الناس أكثرُهم لا يشعر بشيء ممَّا وقع، فتحدَّث الناس بذلك، واجتمعت الأتراك إلى الأمير سيف الدين أُلْجيبُغَا المذكور، ونزل بظاهر البلد، واحتيط على حواصل أَرْغُون شاه، فبات عزيزًا وأصبح ذليلًا، وأمسى غنيًا (٤) نائب السَّلطنة، فأصبح وقد أحاط به الفقر والمسكنة، فسبحان من بيده الأمر مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء وينزع المُلك ممن يشاء، ويعزُّ من يشاءُ ويذلُّ من يشاء (٥)، وهذا كما قال اللَّه تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٧ - ٩٩] ثم لما كان ليلة الجمعة الرابع والعشرين من ربيع الأول أصبح مذبوحًا فأُثبت محضرٌ بأنه ذبح نفسه (٦) فاللَّه تعالى أعلم.


(١) في ط: ناصر الدين وأثبتنا ما في الدرر الكامنة والدارس.
(٢) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٢٧٢) وذكره في وفيات سنة (٧٤٩) هـ وكذلك هو في الوفيات لابن رافع (٢/ ١٠٦) ففيه وفاته في ليلة الأربعاء مستهلِّ ذي القعدة. وكذلك في الدارس (١/ ٢٣٩). أما الدرر الكامنة (٤/ ٢٢٦) فوفاته فيها سنة (٧٥٠) غير أنه جعل ولادته سنة (٦٩٦) فيكون بذلك قد جاوز الرابعة والخمسين من العمر.
(٣) هو: أبو المعالي محمد بن رافع السَّلامي صاحب كتاب الوفيات. مات سنة ٧٧٤ هـ.
(٤) في ط: علينا. والتصويب من الذيل التام للسخاوي (١/ ١٠٦) نقلًا عن ابن كثير.
(٥) هذا تمثُّل من ابن كثير بمعنى الآية.
(٦) الذيل ص (٢٧٩) الدرر الكامنة (١/ ٣٥٠) ابن خلدون (٥/ ٤٤٨) النجوم الزاهرة (١٠/ ٢٤٣) الذيل التام للسخاوي (١/ ١٠٥ - ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>