للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما جاء جبريل في صورة أعرابيّ، فسأل عن الإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان، أجابه عن ذلك، فلمّا سأله عن الساعة، قال له: "ما المسؤولُ عنْها بأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ"، قال: فأخْبِرْنِي عَنْ أَشْرَاطِهَا، فأخْبَرهُ عن ذلك، كما سيأتي إيرادهُ بسنده، ومَتْنهِ (١) مع أمثاله، وأشكاله، من الأحاديث.

باب ذكر الفتن جملة ثم نفصل ذكرها بعد ذلك إن شاء اللَّه تعالى

قال البخاري: حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا الوليد، حدثني ابن جابر، حدثني بُسْرُ بن عُبَيْد اللَّه الحَضْرميّ، حدثني أبو إدريس الخَوْلَانيُّ، أنّه سمعِ حُذَيْفَةَ بنَ اليَمانِ يقول: كان الناسُ يسألون رسول اللَّه عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشرّ مخافةَ أن يُدْرِكني، فقلت: يا رسول اللَّه، إنّا كُنا في جَاهِليّة وشَرّ، فجاءنا اللَّهُ بهذا الخير، فهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرّ؟ قال: "نَعَمْ": قلت: وهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشرّ مِنْ خَيْر؟ قال: " نعم، وفيه دَخَنٌ (٢) "، قلت: وما دَخَنُه؟ قال: "قوم يَهْدُون بغير هديي تعرِفُ منهُمْ وتُنْكِرُ"، قلت: فهلْ بعد ذلك الخير من شَرّ؟ قال: "نعم، دُعَاةٌ على أبوابِ جهنم، من أجابهُمْ إليها قَذَفُوهُ فيها"، قلت: يا رسول اللَّه، صِفْهُم لنا، قال: "هُمْ من جلدتنا، ويتكلَّمُونَ بألسنتِنَا"، قلت: فما تأْمُرني إن أدْرَكَنِي ذلك؟ قال: "تَلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامَهُمْ"، قلت: فإن لم يكن لهم إمام، ولا جماعةٌ، قال: "فاعْتَزِل تلك الفِرَق كُلَّهَا، ولو أن تَعَضَّ بأصْلِ شجرةٍ، حتى يُدْركك الموتُ وأنتَ على ذلك". ثم رواه البخاريّ أيضًا، ومسلم، عن محمد بن المثنَّى، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به نحوه. وقد رُوي هذا الحديث من طُرُق كثيرةٍ، عن حُذيفَة، فرواه أحمدُ، وأبو داود، والنسائيّ، من طريق نصر بن عاصم، عن خالد بن خالد اليَشْكُرِيّ الكوفيّ، عنه مبسوطًا، وفيه تفسير لما فيه من مُشْكِل، ورواه النسائي وابن ماجه، من رواية عبد الرحمن بن قُرْط عنه. وفي "صحيح البخاري"، من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن قَيْس بن أبي حازم، عن حُذَيْفَة، قال: تعلَّمَ أصحابي الخيرَ، وتَعَلَّمْتُ الشَّرَّ (٣).

وثبت في "الصحيح" من حديث الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحْوص، عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: قال رسول اللَّه : "إن الإسلام بدأ غَرِيبًا، وسيعُودُ غَرِيبًا كما بدأ، فطُوبَى


(١) رواه مسلم رقم (٨) من حديث عمر، وقد تقدم من حديث أبي هريرة في الذي قبله.
(٢) أي خير مشوب بالشر.
(٣) رواه البخاري رقم (٣٦٠٦) و (٧٠٨٤) و (٣٦٠٧) ومسلم رقم (١٨٤٧) وأحمد (٥/ ٣٨٦) وأبو داود رقم (٤٢٤٤) والنسائي في "الكبرى" (٨٠٣٢) و (٨٠٣٣) وابن ماجه رقم (٣٩٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>