للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما اعتمدوه وما آثروا من الخير، فاختلف عليه الصحابة فمن قائلٍ يقولُ إبدأ بالعراق، ومن قائل يقول بالشام. فعزم عمر على قدوم الشام لأجل قَسْمِ مواريث منْ مات من المسلمين في طاعون عمواس، فإنه أشكل قَسْمُها على المسلمين بالشام فعزم على ذلك. وهذا يقتضي أن عمر عزمَ على قدوم الشام بعد طاعون عمواس، وقد كان الطاعون في سنة ثماني عشرة كما سيأتي، فهو قدوم آخر غير قدوم سَرْغ. والله أعلم.

قال سيف: عن أبي عثمان وأبي حارثة والربيع بن النعمان قالوا: قال عمر: ضاعت مواريثُ الناس بالشام، أبدأ بها فأقسم المواريث وأقيم لهم ما في نفسي، ثم أرجع فأتقلّب في البلاد وأنبذ إليهم أمري. قالوا: فأتى عمر الشام أربعَ مراتٍ مرتين في سنة ست عشرة، ومرتين في سنة سبع عشرة. (ولم يدخلها في الأولى من الأخريين. وهذا يقتضي ما ذكرناه عن سيف أنه يقول بكون طاعون عمواس في سنة سبع عشرة) وقد خالفه محمد بن إسحاق وأبو معشر وغير واحد، فذهبوا إلى أنه كان في سنة ثماني عشرة. وفيه توفي أبو عبيدة ومعاذ ويزيد بن أبي سفيان، وغيرهم من الأعيان، على ما سيأتي تفصيلا (١) إن شاء الله تعالى.

[ذكر] شيءٍ من أخبار طاعون عَمَواس (٢)

الذي توفي فيه أبو عبيدة ومعاذ ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم من أشراف الصحابة وغيرهم، أورده ابن جرير (٣) في هذه السنة.

قال محمد بن إسحاق (٤): عن شعبة، عن المخارق (٥) بن عبد الله البَجَلي عن طارق بن شهاب البَجَلي قال: أتينا أبا موسى، وهو في داره بالكوفة، لنتحدَّث عنده، فلما جلسنا قال: لا تَخفّوا (٦) فقد أصيب في الدار إنسان بهذا السقم، ولا عليكم أن تتنزهوا عن هذه القرية فتخرجوا في فسيح بلادكم ونزهها، حتى يرتفع (٧) هذا البلاء، فإني سأخبركم بما يكرَه مما يتقى، من ذلك أن يظنَّ منْ خرج أنه لو


(١) في أ: تعيينه.
(٢) عَمَواس: - ورواه الزمخشري بكسر أوله، ورواه غيره بفتح أوله وثانيه - وهي كورة من فلسطين بالقرب من فلسطين، ومنها كان ابتداء الطاعون أيام عمر بن الخطاب ، ثم فشا في أرض الشام فمات فيه خلق كثير لا يحصى من الصحابة ، ومن غيرهم وذلك في سنة ١٨ للهجرة. معجم البلدان (٤/ ١٥٧ - ١٥٨).
(٣) في تاريخه (٤/ ٦٠).
(٤) تاريخ الطبري (٤/ ٦٠ - ٦١).
(٥) في ط: "المختار"، محرف، وهو مخارق بن عبد الله بن جابر، ويقال: مخارق بن خليفة، من رجال التهذيب.
(٦) في أ، ط: تحفوا، وما هنا عن تاريخ الطبري.
(٧) في أ: يرفع هذا الوباء.