للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في حَجِّهم ومناكحهم وبيوعهم]، ولم يُشْرِكْ بالله قطّ، صلواتُ الله وسلامه عليه دائمًا.

قلت: ويُفهم من قوله هذا أيضًا، أنه كان يقفُ بعَرَفات قبل أنْ يُوحى إليه. وهذا توفيق من الله له.

ورواه الإمام أحمد (١) عن يعقوب، عن محمد بن إسحاق به. ولفظُه: رأيتُ رسول الله قبل أن ينزل عليه وإنه لواقفٌ على بعير له مع الناس بعرفات حتى يدفع معهم [منها] (٢) توفيقًا من الله.

وقال الإمام أحمد (٣): حدّثنا سفيان، عن عمرو، عن (٤) محمد بن جُبير بن مُطْعِم عن أبيه قال: أضْلَلْتُ بعيرًا لي بعرفة، فذهبتُ أطلبُه، فإذا النبيُّ واقف، فقلتُ: إنَّ هذا من الحُمس (٥)، ما شأنُه ها هنا؟ وأخرجاه (٦) من حديث سُفيان بن عُيينة به.

ذكْرُ شهودِهِ حربَ الفِجَار

قال ابن إسحاق (٧): هاجت حربُ الفِجَار ورسولُ الله ابنُ عشرين سنة، وإنما سُمِّي يومَ الفِجار، بما استحلّ فيه هذانِ الحيَّان -كنانة وقيس عَيْلان- من المحارم بينهم. وكان قائدَ قريشٍ وكنانة حَرْبُ بنُ أُمَيَّة بن عبد شمس. وكان الظَّفَر في أولِ النهار لقيس على كِنَانة، حتى إذا كان في وسط النهار كان الظفر لكنانةَ على قيس.

وقال ابن هشام (٨): فلما بلغ رسولُ الله أربعَ عشرةَ سنةً -أو خمسَ عشرةَ سنة- فيما حدّثني أبو عُبيدة النَّحْوي عن أبي عمرو بن العلاء: هاجَتْ حربُ الفِجار بين قريشٍ ومن معها من كِنانة، وبين قيس عيلان، وكان الذي هاجها أنَّ عُروة الرَّحَّال بن عُتْبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن


(١) في مسنده (٤/ ٨٢).
(٢) ما بين معقوفين من مسند الإمام أحمد. ودفع من عرفات: أي ابتدأ السير ودفع نفسه منها. النهاية (٢/ ١٢٤ دفع).
(٣) في مسنده (٤/ ٨٠).
(٤) في مسند أحمد: عن عمرو بن محمد بن محمد بن جبير بن مطعم. وهو تحريف، وعمرو هذا هو عمرو بن دينار المكي أبو محمد الأثرم الجمحي، وروايته عن محمد بن جبير، ورواية سفيان عنه ثابتة في تهذيب التهذيب في ترجمتهما.
(٥) "الحُمْس": جمع الأحْمَس: وهم قريش، ومَنْ ولدَتْ قريش، وكنانة، وجَدِيلة قيس، سُمُّوا حُمسًا لأنهم تحمَّسُوا في دينهم: أي تشددوا. والحماسة: الشجاعة، كانوا يقفون بمُزْدَلِفة ولا يقفون بعرفة، ويقولون: نحن أهل الله فلا نخرج من الحرم، وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم محرمون. النهاية (١/ ٤٤٠) (حمس).
(٦) يعني البخاري ومسلم في صحيحيهما؛ فتح الباري (١٦٦٤) الحج باب الوقوف بعرفة، وصحيح مسلم (١٥٣ - ١٢٢٠) (١٥٣) الحج باب الوقوف وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾.
(٧) قول ابن إسحاق هذا في سيرة ابن هشام (١/ ١٨٦).
(٨) في السيرة (١/ ١٨٤) وما يأتي بين معقوفين منه.