للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن المُنكَدِرِ، عن جَابِرٍ، مرفوعًا، مثلَه (١).

ذِكر رؤية أهل الجنَّة ربهم ﷿ في مثل أيام الجمع في مجتمع لهم معدٍّ لذلك هنالك

قال الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣]، وقال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ [المطففين: ١٥ - ٢٤]. وقال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] فذكر عن الفجار أنهم محجوبون، وأن الأبرار إليه ينظرون.

وقدْ تَقَدَّمَ في حديثِ أبي مُوسى الأشْعَريّ: أنَّ رسولَ الله قال: "جَنَّتانِ منْ ذَهَبٍ آنيَتهُما وما فِيهما، وجَنَّتانِ منْ فِضَّةِ آنَيَتهُمَا ومَا فيهما، وليس بَيْن القَوْمِ وَبَيْنَ أنْ يَنْظُرُوا إلى ربِّهِم ﷿ إلَّا رداء الكِبْريَاء على وَجْههِ في جنَّة عَدْنٍ". أخرجاه في "الصحيحين" (٢).

وفي حديث ابن عُمَرَ: "وَأعْلاهُمْ منْ يَنْظُرُ إلى وجه اللهِ تعالى في اليومِ مَرَّتَيْنِ" (٣).

وله شاهدٌ في "الصَّحيحين" عن جَرير بن عبد الله مرفوعًا عِنْدَ ذِكْرِ رُؤيَةِ المؤمنينَ رَبَّهُمْ ﷿ يَومَ القِيامةِ، كما يَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالقمَر، قال: "فإنِ اسْتَطَعْتمْ ألّا تُغلبُوا على صلاةٍ قَبْلَ طُلوعِ الشّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبها فافْعَلُوا" ثمَّ قَرَأ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩] (٤).

وفي "صحيح البُخاريّ" عن النبي قال: "إنكُمْ سَتَروْنَ رَبَّكم عِيانًا" (٥). فأرْشَدَ هذا السياق على أن رؤية الله ﷿ تقع لأهل الجنة في مثل أوْقاتِ العِبَادات، فكأنَّ المُبَرِّزين منَ المقرَّبين الأخْيَار يَرَوْنَ الله ﷿ في مِثْلِ طَرَفي النَّهارِ غُدْوةً وَعَشيًّا، وهذا مقام عالٍ، فيرونه تعالى على أرَائِكِهمْ وَسُرُرِهِم كما يرون القَمر ليلة البدر، فيرونه أيضًا غير رؤيتهم إياه في منازلهم في الجنة، حيثُ يَجْتمعُ أهلُ الجَنَّةٍ في وَادٍ أفْيَحَ -[أيْ مُتَّسِع]- منْ مِسْكٍ أبْيَضَ، فيَجْلِسُونَ فيهِ على قَدْرِ منازِلهمْ، فمنْهُمْ منْ يجلس على منابر منْ نُورٍ، ومنهم من يجلس على مَنابِرَ منْ ذَهبٍ، وغيرِ ذلكَ منْ أنواعِ الجَواهِر وغيرِها، ثمَّ تُفَاضُ عَليهمُ النِّعمُ [والْخِلَعُ]، وتوضع على رؤوسهم التيجان، وبين أيْدِيهم


(١) رواه ابن ماجه (١٨٤) والبيهقي في "البعث والنشور" (٤٩٣).
(٢) رواه البخاري (٤٨٣٨) ومسلم (١٨٠).
(٣) رواه أحمد (٢/ ١٣) والترمذي (٢٥٥٣).
(٤) رواه البخاري (٥٥٤) ومسلم (٦٣٣).
(٥) رواه البخاري (٧٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>