كتاب البداية والنهاية - ط دار ابن كثير

ثم دخلت سنة أربع وثلاثمئة - وممن توفي فيها من الأعيان - ج: 12 - ص: 16

والبغال والجمال شيء كثير، وأُقطع الدَّار التي بالمُخَرَّم (١) فسكنها، فعمل فيها ضيافة تلك الليلة، فسقى فيها أربعين ألف رطل من الثَّلْج.

وفي الصيف (٢) من هذه السنة اشتُهِرَ ببغداد أن حيوانًا يقال له الزبزب يطوف باللَّيل يأكل الأطفالَ من الأسرَّة، ويعدو على النيام فربما قطع يد الرَّجُل وثَدْي المرأة وهو نائم، فجعل الناس يضربون على أسطحتهم بالنُّحاس من الهواوين والطُّوس (٣) وغير ذلك؛ ينفِّرونه عنهم، حتى كانت بغداد بالليل ترتجُّ من شرقيّها وغربيّها، واصطنع الناس لأولادهم مكبَّات من السَّعَف وغير ذلك، واغتنمت اللصوص هذه الشوشة؛ فكَثُرَتِ النُّقوب وأُخذت الأموال، فأمر الخليفة بأن يؤخذ حيوان من كلاب الماء فيصلبَ على الجسر لِيَسْكُنَ الناس بذلك، فَفُعِلَ، فسكن أمر الناس ورجعوا إلى أنفسهم، واستراح الناس من ذلك.

وقُلِّدَ ثابتُ بنُ سِنَان الطَّبيب المؤرخ (٤) أمر المارَستانات ببغداد في هذه السنة، وكانت خمسةً.

وورد الخبر من خُراسان بأنهم وجدوا قبورَ شهداء قتلوا في سنة سبعين من الهجرة مكتوبةً أسماؤهم في رقاع مربوطة بآذانهم، وأجسادُهُمْ طريَّة كما هي.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

محمد بن أحمد بن الهيثم بن صالح (٥) بن عبد الله بن الحُصَين بن عَلْقمة بن لبيد بن نعيم بن عُطارد بن حاجب بن زُرَارة، أبو الحسن التميمي، الملقب فَرُّوجة (٦).

قَدِمَ بغداد، وحدَّث بها، وكان ثِقَةً حافظًا.

يوسف بن الحسين بن علي (٧) أبو يعقوب الرَّازي.

سمع أحمدَ بنَ حنبل، وصحب ذا النُّون المصري (٨)، وروى عنه أبو بكر النَّجَّاد.

---

(١) في (ط) بالحريم، وهو تحريف. والمخرَّم: محلة كانت ببغداد منسوبة إلى مخرم بن يزيد. معجم البلدان (٥/ ٧١).
(٢) في (ط) نصف، وهو تصحيف.
(٣) مفردها طاس، وهو إناء من نحاس ونحوه يشرب فيه، والعامة يقولون طاسة. المعجم الوسيط (٢/ ٥٧٦).
(٤) سيرد ذكره في وفيات سنة (٣٣١ هـ) من هذا الجزء.
(٥) تاريخ بغداد (١/ ٣٧٠ - ٣٧١) والمنتظم (٦/ ١٤١).
(٦) في النسخ الخطية: فورجة، وهو تصحيف، والمثبت من (ط) وتبصير المنتبه (٣/ ١٠٨٧).
(٧) طبقات الصوفية (١٨٥/ ١٩١) حلية الأولياء (١٠/ ٢٣٨ - ٢٤٣) تاريخ بغداد (١٤/ ٣١٤ - ٣١٩) الرسالة القشيرية (٢٢) طبقات الحنابلة (١/ ٤١٨ - ٤٢٠) صفة الصفوة (٤/ ١٠٢ - ١٠٣) المنتظم (٦/ ١٤١ - ١٤٣) سير أعلام البلاء (١٤/ ٢٤٨ - ٢٥١) طبقات الأولياء (٣٧٩ - ٣٨٤) طبقات الشعراني (١/ ١١٩ - ١٢٠).
(٨) سلفت ترجمته في وفيات سنة (٢٤٥ هـ) من هذا الكتاب.