للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في خطراته وحركاته، لم يصلِّ عليه إلا ثلاثة أو أربعة من الناس (١). فلله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ.

وقد روى البيهقيُّ، عن حجاج بن محمد الشاعر: أنه قال: ما كنتُ أحبُّ أن أقتَلَ في سبيل اللَّه ولم أصلِّ على الإمام أحمد.

وروى عن رجل من أهل العلم: أنه قال يوم دُفِنَ أحمد: دُفِنَ اليومَ سادسُ خمسةٍ، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز، . وكان عمره يوم توفي سبعًا وسبعين سنة وأيامًا أقلّ من شهر.

ذكر ما رُئي من المنامات الصالحة التي رآها الإمام أحمد ورئيت له

وقد صحَّ في الحديث: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلا المُبَشِّرات" (٢) [وفي رواية: "إلا الرؤيا الصالحة] (٣) يراها المؤمن أو تُرَى له".

وروى البيهقيُّ عن الحاكم، سمعتُ علي بن حَمْشاذ، سمعت جعفر بن محمد بن الحسين، سمعتُ سلمة بن شبيب، يقول: كنَّا عند أحمد بن حنبل، وجاءه شيخ ومعه عُكَّازة فسلَّم وجَلَسَ، فقال: من منكم أحمد بن حنبل؟ فقال أحمد: أنا، ما حاجتك؟ قال: ضربْتُ (٤) إليك من أربع مئة فرسخٍ، أريت الخضِرَ في المنام، فقال: سر (٥) إلى أحمد بن حنبل، وسَلْ عنه، وقل له: إنَّ ساكن العرش والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك للَّه ﷿ (٦).

وعن أبي عبد اللَّه محمد بن خزيمة الإسكندراني، قال: لمَّا مات أحمد اغتممْتُ غمًّا شديدًا، فرأيته في المنام وهو يَتَبَخْتَرُ في مشيته، فقلْتُ له: يا أبا عبد اللَّه، أيُّ مشيةٍ هذه؟ فقال: مِشْيَةُ الخُدَّام في دار


(١) بعدها في ط: وكذلك بشر بن غياث المريسي، لم يصلِّ عليه إلا طائفة يسيرة جدًا.
(٢) رواه البخاري في صحيحه (١٢/ ٣٣١) في التعبير، باب المبشرات، عن أبي هريرة ، قال: سمعت رسول اللَّه يقول: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤية الصالحة".
قال الحافظ في الفتح: كذا ذكره باللفظ الدال على المضي تحقيقًا لوقوعه، والمراد الاستقبال، أي: لا يبقى. والمعنى: لم يبق بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات، ثم فسرها بالرؤيا.
وجاء الحديث من حديث ابن عباس عند أحمد (١/ ٢١٩)، ومسلم رقم (٤٧٩)، وأبي داود رقم (٨٧٦)، وابن ماجه رقم (٣٨٩٩) بلفظ: "أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له". وهو جزء من حديث طويل قاله في مرض موته .
(٣) زيادة من ط.
(٤) في سير أعلام النبلاء (١١/ ٣٥١): صِرْتُ إليك.
(٥) في ب، ظا: قُمْ وصِرْ.
(٦) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (الجزء السابع/ ٢٧٤ و ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>