للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام، فقلْتُ: ما فَعَلَ اللَّهُ بك؟ قال: غَفَرَ لي، وتوَّجني، وألْبَسَني نعلَيْن مِنْ ذَهبٍ، وقال لي: يا أحمدُ، هذا بقولك: القرآنُ كلامي، ثم قال: يا أحمدُ، ادعُني بتلك الدَّعَوات التي بَلَغَتْكَ عن سفيان الثَّوْري، كنتَ تدعو بهنَّ في دار الدنيا. قال: قلت: يا ربِّ كلِّ شيءٍ، بقدرتك على كلِّ شيءٍ، اغفرْ لي كُلَّ شيءٍ، حتَّى لا تسألني عن شيء. فقال لي: يا أحمدُ، هذه الجنة قُم ادخلْ إليها، فدخلْتُ فإذا أنا بسفيان الثوريّ وله جناحان أخضران، يطيرُ بهما من نخلةٍ إلى نخلةٍ، وهو يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [الزمر: ٧٤]. قال: فقلت له: ما فَعَلَ بِشْرٌ الحافيّ؟ فقال: بَخٍ بَخٍ! ومَنْ مثلُ بِشْر؟! تركته بين يدي الجليل، وبين يديه مائدةٌ من الطَّعام، والجليلُ مقْبِلٌ عليه، وهو يقول: كُلْ يا مَنْ (١) لم يأكل، اشربْ يا مَن لم يشرب، وانْعَمْ يا مَنْ لم ينعَمْ، أو كَما قال (٢).

وقال أبو محمد بن أبي حاتم، عن محمد بن مسلم بن وَارة، قال: لمَّا مات أبو زُرعة رأيته في المنام، فقلت: ما فَعَلَ اللَّهُ بك؟ فقال: قال لي الجبَّار: ألحقوه بأبي عبد اللَّه، وأبي عبد اللَّه، وأبي عبد اللَّه؛ مالك والشافعي وأحمد بن حنبل.

وقال عثمان (٣) بن خُرَّزاد الأنطاكي: رأيت في المنام كأنَّ القيامة قد قامت وقد برز الربُّ لفصل القضاء، وكأنَّ مناديًا ينادي من تحت بطنان العرش: أدخلوا أبا عبد اللَّه، وأبا عبد اللَّه، وأبا عبد اللَّه، [وأبا عبد اللَّه] (٤) الجنّة. قال: فقلْتُ لفلك إلى جانبي: من هؤلاء؟ فقال: مالك، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل.

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن أيّوب المقدسيّ، قال: رأيت رسولَ اللَّه في النوم وهو نائمٌ وعليه ثوب مغطى، وأحمد بن حنبل ويحيى بن مَعين يذبَّان عنه.

وقد تقدَّم (٥) في ترجمة أحمد بن أبي دُواد عن يحيى الجلاء، أنه رأى كأنَّ أحمد بن حنبل في حَلْقةٍ بالمسجد الجامع وأحمد بن أبي دُوَاد في حَلْقةٍ أخرى، وكأنَّ رسولَ اللَّه واقفٌ بين الحلقتين وهو يتلو هذه الآية: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ﴾ [الأنعام: ٨٩] ويشير إلى حَلْقة ابن


(١) أ، ب: يا من لا أكل، والمثبت من ظا، ط.
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (الجزء السابع/ ٢٩٠ و ٢٩١). والمجلدة العاشرة (ترجمة بشر الحافي) ص (٨٥)، وفي مختصره لابن منظور (٣/ ٢٥٥ و ٥/ ٢٠٦) وبعضه في صفة الصفوة (٢/ ٣٣٥)، وسير أعلام النبلاء (١١/ ٣٤٨).
(٣) تحرفت في المطبوع إلى: أحمد.
(٤) ما بين قوسين لم يرد في أ.
(٥) تقدم في حوادث سنة (٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>