للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأخبار وأيام الخلفاء، له مصنفات في ذلك. روى عن عمر بن شَبَّة وغيره، وكانت وفاته في ربيع الأول منها، عن ثلاث وخمسين سنة.

[ثم دخلت سنة سبع وتسعين ومئتين]

فيها: غزا القاسم بن سيما الصائفة، وفادى مؤنس الخادم الأسارى الذين بأيدي الروم.

وحكى ابن الجوزي (١) عن ثابت بن سنان: أنه رأى في أيام المقتدر ببغداد امرأةً بلا ذراعين ولا عضدين، وإنما كفاها ملصفان بكتفيها، لكن لا تعمل بهما شيئًا، وكانت تعمل برجليها (٢) ما تعمله النساء بأيديهن؛ من الغزل ومشط الرأس وغير ذلك.

وتأخرت الأمطار عن بغداد في هذه السنة، وارتفعت الأسعار بها، وجاءت الأخبار بأن مكَّة - شرَّفها اللّه - جاءها سيل عظيم بحيث إن أركان البيت غرقت من السيول وإنَّ زمزم فاضت، ولم ير ذلك قبل هذه السنة.

وحجَّ بالناس الفضلُ بن عبد الملك الهاشميّ.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

محمّد بن داود بن علي (٣): أبو بكر الفقيه ابن الفقيه الظَّاهري، ابن الظَّاهري. كان عالمًا بارعًا أديبًا شاعرًا فقيهًا ماهرًا، وهو مصنف كتاب "الزّهرة".

اشتغل على أبيه، وتبعه في مذهبه، وما كان يسلكه ويختاره من الطريق ويرتضيه. وكان أبوه يحبُّه ويقرِّبه ويدنيه.

قال رويم بن محمد (٤): كنا يومًا عند داود إذ دخل عليه ابنه محمد باكيًا، فقال: ما لك؟ قال: إنَّ الصّبيان يلقِّبونني عصفورَ الشوك. فضحك أبوه، فاشتدَّ غضبُ ولده، وقال لأبيه: أنت أضرُّ عليَّ منهم، فضمَّه أبوه إليه، وقال: لا إله إلَّا اللّه! ما الألقاب إلَّا من السَّماء، ما أنت يا بنيَّ إلَّا عصفور الشوك.

ولما توفي أبوه جلس ابنه محمد هذا مكانه في الحلقة، فاستصغره الناس عن ذلك، فسأله سائل يومًا


(١) المنتظم (٦/ ٨٩).
(٢) في المنتظم: برجليها ورأسها.
(٣) تاريخ بغداد (٥/ ٢٥٦)، المنتظم (٦/ ٩٣)، وفيات الأعيان (٢/ ٢٥٩)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ١٠٩)، شذرات الذهب (٢/ ٢٢٦).
(٤) المنتظم (٦/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>